تبدو غريبة تلك العدائية التي يحملها البعض للمرأة، والأغرب ذلك التضخيم لكل أمر أو قضية تخصها، بحيث تبدو حدثا جللا وتمردا على المجتمع، بينما هي مجرد رأي أو فكرة طرحتها إحدى النساء تاركة الخيار للرافض والمؤيد، دون المطالبة بتعميمها أو عسف المجتمع لتقبلها، ووسط هذا التصعيد لما يطرح تمرر الإهانات والسخط وحتى البذاءة في النقاشات التي عادة ما تتصدر وسائل التواصل، ويتدخل القاصي والداني في إثارة الموضوع وكسب أكبر عدد من الساخطين، وهذا يعد من أهم الأسباب التي تفشل قضايا المرأة عندما تطرح للنقاش، ذلك التكالب إن لم يكن تآمرا مبيتا للوقوف حجر عثرة في طريق نيل المرأة لأي حق من حقوقها حتى تلك التي كفلها الشرع، وهي في واقع الأمر لم تطالب إلا بما كفلته الشريعة لها.
غير أن البعض صادر حقوقها تماما، واحتكم إلى عرف أو عادة تبناها البعض لتُعامل النساء وفقا لها، وعلى ما فيها من ظلم وإقصاء، إلا أن مجرد نقاشها يعد جرما كبيرا، ولن نعمم على فكرة الجور في التعامل مع قضايا النساء غير أن التسلط في فرض الوصاية حاصل، وإن طالب بعضهن بإسقاطها فبسبب ما يتعرضن له من ظلم تحت هذا المسمى.
حالات كثيرة من العضل والتعنيف وحتى الحجز في المنزل لأشهر دون أن يسمح لها بالخروج حتى في أحلك الظروف، وعندما تظهر تلك القضايا للسطح لا تقابل بالتعاطف والإنصاف، بل يقفون جنبا إلى جنب مع من تجنى وظلم، وليس شرطا أن يكون أبا أو أخا، فقد تعدد الأشخاص الذين من حقهم عضل المرأة والتحكم في مصيرها، وليس هناك أقسى من أن تتحمل المرأة جريرة مسمى حصلت عليه مكرهة لتظل تدفع الضريبة طوال عمرها، فليس ذنبها أن تعاكس الظروف حياتها للتهاوي تحت أنقاض زواج أحد طرفيه لم يعر اهتماما للقيم أو العشرة، همّه الأوحد إمتاع نفسه بأي شكل أو طريقة، وعلى هذه المسكينة أما بلع لسانها والعيش في كنفه ذليلة، أو البوح لتسجل نفسها في الأيام القادمة مفقودة وهي ما تزال على قيد الحياة.
وعلى الرغم من كل هذا التطور وارتفاع نسبة الوعي في قضايا عدة، إلا أن ما يخص المرأة ما زال يقبع في ظلمة حالكة تحركها جاهلية واستبداد بعضهم.