انتهت الأعمال، وغادر الضيوف.. يحملون مشاعر حبٍ لبلدٍ خدم أطهر وأقدس بقعة على وجه الأرض، ويحتفظون بأروع صور لحكومة فعلت المستحيل لأكبر تجمعٍ بشري في العالم، تقرباً إلى الله بضيوفه.. المغادرون حملوا الكثير من الصور والمشاعر عن بلدٍ يقدم بلا حدود ويسعى إلى قمة وهو على قمة.. ولكن مهما نقل هؤلاء الحجاج فلن ينقلوا كل ما يريدون، ولن يعبروا عن كل ما في نفوسهم، لأنهم منهكون من العبادة والزحام والسفر، وحتى لو نقلوها كما هي فلن يكون من سمع كمن رأى.
انتهت الأعمال ولم ولن تبقى إلا الصور والتقارير المرئية والمكتوبة، اليوم، بعد أن وضع الصحفيون أقلامهم، وأراح المصورون أكتافهم، نسأل: ماذا قدم أكثر من 300 إعلامي عملوا لتغطية الحج؟
كنت أظن أننا في عصر الفضاء وأننا سنشاهد على الفضائيات ما لم نقرأه في الصحف الورقية طيلة سيطرتها على الإعلام لعقود، إلا أن ظنوني خابت ولم أجد ما يلفت نظري في الفضاء.. كمتابع يقلب الريموت كنترول كما يقلب صفحات الصحف الورقية والإلكترونية.. أرى أن الفضائيات عجزت أن تتقدم على الصحف الورقية، فبينما مراسل الصحيفة يبحث عن صورة يخلق منها قصة صحفية، لا يفارق مراسل الفضائية الكاميرا بانتظار البث المباشر ليعلق على أخبار الحج أو ليستضيف مسؤولاً يحاوره المذيع في الأستوديو فيكون هو وسيط ينقل المايك بينهما.. وبينما يركض الصحفي الورقي وسط الزحام بقصته الخبرية وصورها ليلحق المطبعة، ترى الصحفي الفضائي يقف وسط الحجاج ليسألهم عن مشاعرهم أو يتحدث عن لهفتهم للظهور على الشاشة..!
.. ولثلاث سنوات لم أر تقريراً تلفزيونياً أفضل من هذا:
http://www.youtube.com/watch?v=m78Bu0DXvnE