أبها: محمد جمعان

اهتم تقرير نشرته وكالة بلومبيرج العالمية أمس بمذكرات وزير النفط السعودي السابق علي النعيمي، التي ستصدر في الثالث من الشهر القادم، بوصفها تمثل رصدا تاريخيا هاما من خبير نفطي وعالم بخفايا معارك السوق وقيادة أوبك خلال فترة تاريخية، ووصفت الوكالة النعيمي بقولها علي النعيمي وزير النفط السابق ومُنفذ سياسية أوبك لزيادة الإنتاج التي تسبّبت في اضطراب السوق مُنذ ذلك الحين – الذي أكد في سنواته الأخيرة في منصبه أنه لم تُوجد أي فرصة بأن الدول خارج هذه المجموعة ستنضم إلى خفض الإنتاج. وقالت الوكالة إنه بالرغم من أن الوزير السعودي السابق لا يكتب حول المفاوضات الحالية، إلا أنه دافع بقوة عن المنهجية التي لا تضع حدوداً للإنتاج والتي أقنع أوبك بتبنيها قبل سنتين. وكتب أن أفضل طريقة لتحقيق التوازن في السوق هو أن نجعل الطلب والعرض والأسعار تتحرك وتعمل.

عوامل السوق
يلخص النعيمي في كتابه رؤيته لمشكلة استقرار سوق النفط حيث يرى أنه أضخم بكثير من مُجرّد منظمة أوبك فحسب. وحاولنا أن نجمع الجميع، أوبك والدول خارج أوبك سعياً للوصول إلى إجماع في الرأي. ولكن لم تُوجد الرغبة من أجل مُشاركة هذا العبء. ولذلك تركنا الأمر بيد السوق كأكثر الطرق فاعلية في تحقيق التوازن للعرض والطلب. و كانت ولا تزال قاعدة بسيطة كي نجعل السوق يتحرك ويعمل.التعليقات التي ذكرها النعيمي في كتابه وفقا لبلومبيرغ تستعرض تاريخاً تحذيرياً خاصة أن أوبك تنتظر تعهداً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتجميد أو خفض الإنتاج هذا الشهر.
اليأس من تعاون المنتجين
أورد النعيمي في الكتاب رده على أحد مُساعديه عندما سأله في شهر نوفمبر 2014 حول ما هي إمكانية وجود فرص بأن تقوم هذه الدول من خارج منظمة أوبك روسيا والمكسيك وكازخستان والنرويج بخفض الإنتاج، فكان رد النعيمي رفعت يدي اليُمنى وأشرت بعلامة الصفر. بهذه الرواية يلخص النعيمي نظرته لتعاون الدول خارج أوبك.  وحول قرار أوبك في 2014 بترك الإنتاج لعوامل السوق كتب النعيمي إنه يرى الموضوع من زاوية مُختلفة، وقال إذا قُمنا نحن السعودية أو أوبك كُكل بخفض الإنتاج دون مُشاركة الدول الرئيسية من خارج أوبك فإننا بذلك سنُضحي بالإيرادات وكذلك بحصة السوق.
بين وزيرين
بلومبيرج لم تهمل في عرضها لكتاب النعيمي أن تعرض مقارنة عاجلة بين الوزير السابق والوزير الحالي حيث رأت الوكالة أن خالد الفالح الوزير الحالي يبدو أنه يسلك طريقاً مُختلفاً. فوافقت السعودية على خفض الإنتاج بالرغم من أن تردّد مُنافستها الإقليمية إيران في الانضمام لهذه المبادرة، كما أن السعودية تُحاول إقناع روسيا والدول الأخرى من خارج مُنظمة أوبك بخفض إنتاجها أيضاً. يتوقع الفالح وفقا للوكالة أن خفضا بسيطا في الإنتاج سيعوض نفسه بنفسه حتى وإن لم ينضمّ الآخرون لهذه المبادرة، وذلك من خلال رفع الأسعار إلى المستوى الكافي بهدف زيادة الإيرادات. وحتى الآن يبدو أن الخطة ناجحة – ارتفع سعر خام البرنت إلى فوق 50 دولارا مُنذ أن وافقت أوبك على صفقة مُخططة في الجزائر الشهر الماضي.
محطات الذكريات
واصلت بلومبيرج عرضها للكتاب بسرد محطات تاريخية توقف عندها النعيمي خلال مذكراته،مضيفة أن الوزير السعودي السابق يذكر كيف قام إيغورسيتشين– رئيس شركة النفط الحكومية روسنفت– بعدم الوفاء بوعده بخصوص خفض الإنتاج في الفترة 2008 – 2009 خلال أيام الأزمة المالية.
كما يستعرض أول اجتماع له مع سيتشين والمسؤولين الفينزويليين والمكسيكيين في فيينا بشهر نوفمبر 2014، عندما رفضت كُل من روسيا والمكسيك خفض الإنتاج.
ويتذكر الوزير السعودي ما قاله يبدو و أن لا أحد باستطاعته أن يخفض الإنتاج، لذلك أعتقد أن الاجتماع قد انتهى.
حكم التاريخ
ترى بلومبيرج أن النعيمي – الذي حافظ على أسعار النفط حوالي 100 دولار للبرميل لعدّة سنوات بشكل عادل للمستهلكين والمنتجين – يحاول أن يعترف ببعض الندم، فكتب لقد كان السعر مُرتفعاً جداً. ودفع هذا السعر إلى انطلاق موجة من الاستثمار في جميع أنحاء العالم في ما كُنا نُسميه سابقاً حقول النفط غير الاقتصادية والتي تتضمن الوقود الصخري الأميركي، والقطب الشمالي والمياه العميقة جداً.
في أحد اجتماعات أوبك في شهر مايو 1983 قبلت السعودية دور المُنتجة المُتذبذبة. والذي قال عنه النعيمي من شأنه أن يكون دوراً مصيرياً في عدّة أمور – قرار بائس. بعد عشرات السنين لا يزال يعتقد أنه لا ينبغي على السعودية أن تلعب دور المُنتجة المُتذبذبة رغم الضرر المالي بسبب أسعار النفط اليوم.
إلا أن الاعتراف لا يبدو أنه صادر عن قناعة كاملة حيث قال النعيمي في خاتمة الكتاب سأجعل التاريخ هو من يحكم على نجاح سياستنا المستندة على السوق.

اسم الكتاب:  خارج الصحراء: رحلتي من البدو الرحل إلى قلب النفط العالمي
موضوع الكتاب :  يستعرض الكتاب نظرة على سياسة السعودية للنفط لـ 35 عاماً التي خدم فيها النعيمي مُديراً تنفيذياً لشركة أرامكو السعودية وبعدها وزيراً للنفط.