شكّل فوز المغني الأميركي بوب ديلان بجائزة نوبل للآداب لعام 2016 صدمة كبيرة في العاصمة السويدية ستوكهولم، حيث خالفت الأكاديمية السويدية كل التوقعات ومنحت جائزتها للمرة الأولى لمغن وموسيقي.
الأكاديمية السويدية في حيثيات قرارها قالت لأنه ابتكر تعابير شاعرية جديدة داخل التقليد الغنائي الأميركي، ديلان يعد أيقونة، تأثيره على الموسيقى العصرية عميق جدا.
ترقب
تابعت الوطن لحظات إعلان النتيجة في المسرح الملكي للدراما في قلب العاصمة السويدية، وعلى مقربة من قاعة البورصة العريقة التي توجهت إليها كل الأنظار، وقبل إعلان النتيجة كانت النقاشات هادئة لكنها موحية بالكثير، ومع اقتراب الموعد كانت قائمة التوقعات والترشيحات تتقلص لتنحصر بين السوري أدونيس، والكيني جوجي وا تيونجو الذي يكتب بلغة أفريقية وهي كيكويو، لكن أدونيس تم استبعاده لأن معظم الأوساط الثقافية السويدية تعد مواقفه السياسية مما يحدث في بلده أمرا يقلص من حظوظه، إضافة لمواقفه الأخيرة التي هاجم فيها بشدة الثقافة العربية والإسلامية وإنه لا يُنظر لها بعين الاعتبار إن كانت سلما له لتسلق جائزة نوبل.
هكذا كانت الأفكار تتداول قبل دقائق من إعلان النتيجة، أما الكاتب الكيني تيونجو فإن راديكاليته في توصيف الاستعمار الغربي وآثار المظالم التي حلت بالشعوب الأفريقية لم تبدو كافية ليكون خامس كاتب أفريقي يفوز بالجائزة.
الصحافة
الصحف السويدية تصدرت أغلفتها منذ الصباح جائزة نوبل للآداب، وأفردت صفحات عدة للحديث عن الجدل والغموض الذي يكتنف اسم الفائز بالجائزة هذا العام، فقطعت الصحف الطريق منذ الصباح على الياباني هاروكي موراكامي، إذ كانت آراء الكتاب والمثقفين السويديين تستبعد فوزه لأنها اعتبرته يكتب أدبا ضحلا لا يمكن اعتباره بحال من الأحوال أدبا يرتقي للعالمية.
ويشير صديقي ماجنوس فلورين مدير الدراما بالمسرح الملكي للدراما لما كتبته صحيفة سفينسكا داغ بلاديت، عن أن الوقت قد حان لعودة الأدب الأميركي للواجهة بعد غياب طال يتجاوز العقد من الزمن، إذ بعد فوز الأديبة السمراء توني موريسون بالجائزة عام 1993، لم يفز أي أميركي بنوبل للآداب.
منعرج
بقي أن نقول إن فوز بوب ديلان بالجائزة يعد منعرجا جديدا في تاريخ جائزة نوبل للآداب فهو أول مغن يفوز بالجائزة، فيما فاز بها فيما سبق من الأدباء كل من: في الدراما 14 كاتبا، في التاريخ فاز كاتبان اثنان، الفلسفة 3 كتّاب، الشعر 33 شاعرا، النثر 77 كاتبا.
مفاجأة أم صدمة؟!
عند الساعة الواحدة ظهرا بتوقيت السويد كانت وتيرة الترقب والانتظار في أعلى درجاتها، لتعلو الصيحات بإعلان فوز بوب ديلان، كثيرون فوجئوا، وآخرون صدموا، والبعض فرحوا.
الكاتب ماجنوس باتنير يقول لا أكاد أصدق، كيف حدث هذا؟، بوب ديلان لا يستحق الجائزة.
لكن الفنان توماس ليدين أعرب عن فرحه قائلا لم أفاجأ.. الخبر أثلج صدري.. منذ الصباح وأنا أتساءل: ألم يحن الوقت ليفوز ديلان بالجائزة.. ويبدو أن الوقت قد حان بالفعل، لقد فاز لأنه الفنان الذي أحدث ثورة في الثقافة الشعبية كلها، مسيطرا على تفاصيل أغانيه من كلمات الحب في سن المراهقة إلى تفاصيل الحياة المعاصرة والمجتمع والسياسة، بوب ديلان لديه تعابيره الخاصة ولغته الخاصة ولم يسبقه أحد لكتابة نصوص الأغاني بهذه الرقة والعذوبة والاختلاف والتفرد.
أما الفنانة ايفا والجرين، فقالت الأمر مدهش وجميل، لكن أعترف بغرابته، ولعل جائزة نوبل كانت بحاجة لمثل هذه الصدمة لتجدد شبابها.
الصحفية كارين اولسن التي تكتب في صحيفة اكسبريسن الواسعة الانتشار صبت جام غضبها على جائزة نوبل وعلى ديلان أيضا، إذ قالت أشعر بالقرف من بلد بني على تعب المزارعين الفقراء ويمتلك أكبر جائزة للأدب في العالم، ومرة أخرى تثبت الأكاديمية السويدية إنها تبحث عن إرضاء النخبة الضيقة على الأقل في يوم واحد في السنة، في وقت تتراجع فيه مكانة الكلمة المكتوبة، وتكافح الثقافة الشعبية لتبقى واقفة على أرض صلبة.. مع فوز بوب ديلان تخلت الأكاديمية السويدية عن التقاليد الجميلة في حماية الكلمة المكتوبة، رغم أنني أعترف أن بوب ديلان فنان أسطوري، لكن كلمات أغانيه ومسيرته الفنية لا تكفيه للفوز بجائزة نوبل للآداب.