أدرك الجميع أهمية مبادرة رئيس مؤسسة الفكر العربي في تحريض الفكر العربي على التحفيز والابتكار بدل الاستغراق في الأحلام والأوهام والمراجعات، وكذلك حماية ما تبقى من العمل العربي المشترك

رعى الأمين العام الأستاذ أحمد أبوالغيط في مقر جامعة الدول العربية الأعمال التحضيرية لمؤتمر فكر 15 الذي سيعقد في أبوظبي بين 12 و14 ديسمبر القادم تحت عنوان التكامل العربي، مجلس التعاون الخليجي ودولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس مجلس التعاون والذكرى الخامسة والأربعين على تأسيس دولة الإمارات وانضمامها إلى جامعة الدول العربية.
تحدّث الأمين العام للجامعة العربية عن أهمية المفكرين ومراكز الأبحاث والدراسات والجامعات والكيانات التكاملية العربية وضرورة وجودهم داخل أروقة الجامعة ليسهموا في تفعيل عملها والمساعدة على تحملها لمسؤولياتها وتحدياتها الكبيرة. ونوه الأمين العام في كلمته بمبادرة الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة الفكر العربي بجعل التكامل العربي هدفاً لأعمال المؤسسة وبالتعاون مع جامعة الدول العربية، كما أكد على أهمية مذكرة التفاهم الموقعة بين الجامعة والمؤسسة.
حضر هذه الورشة أكثر من 50 مشاركا من معظم الدول العربية، هذا بالإضافة إلى ممثلي المجالس الوزارية المتخصّصة في الجامعة ومنظمات العمل العربي المشترك. وهذه هي المرة الثانية التي تعتمد فيها مؤسسة الفكر العربي الورش التحضيرية التشاورية من أجل صياغة تكاملية لآليات وموضوعات المؤتمر، بما يؤسس للثقافة التكاملية بعيداً عن التنافسية أو الإلغائية، هذا بالإضافة إلى الالتزام بمخرجات مؤتمر فكر 14 الذي انعقد في مقر جامعة الدول العربية بمناسبة الذكرى السبعين على تأسيسها.
بعد عرض المنهجية الجديدة للمؤتمر والتي تتمثّل في أن يكون كلّ مدعو إلى المؤتمر مشاركاً ومنتجاً، وذلك بعيداً عن سياحة المؤتمرات، مع التأكيد على تعميق ثقافة الأسئلة والتي تتمثل في الإجابة على أسئلة المؤتمر السابق عن التكامل الأمني والاقتصادي والثقافي والتنموي والعمل العربي المشترك، والخروج بأسئلة جديدة للعمل عليها في العام القادم. انقسم المشاركون إلى مجموعتين، الأولى للمؤسسات المتخصصة التي تقدمت بإجابات على الأسئلة الخمسة، والمجموعة الثانية تناقش الموضوعات الجديدة التي ستكون محل تفكير وتساؤل على أن تقدّم خلال المؤتمر في جلسات متخصصة متوازية وفي إطار تفاعلي.
كانت الاجتماعات التشاورية لمؤسسة الفكر العربي بمثابة تجربة تكامليّة بامتياز، أولاً لانعقادها في بيت العرب أي جامعة الدول العربية، ثانياً لأنها عملية تكاملية حقيقية في موضوعاتها وآلياتها، إذ يشارك الجميع في صياغة التحضيرات للمؤتمر، وتكون مؤسسة الفكر العربي بمثابة ميسِّر للحوار والتقريب بين وجهات النظر، مع الأخذ بآراء الجميع التي تخدم التكامل العربي هدفاً. ولم تخل الورشات الأولى من بعض المراجعات والنقد من هنا وهناك، وخصوصاً في هذه الظروف بالذات البالغة الدقة والألم في آن. فكان من الطبيعي أن يسعى البعض إلى الوقوف في اللحظة وتشخيصها، إلا أن الجميع اقتنع أن سرعة التطورات والأحداث لا تسمح بالوقوف في الزمن، فبينما نكون قد شخصنا اللحظة تكون هناك مستجدات جديدة، وهذا ما يستدعي الاستشراف وتوقع ما هو قادم.
اليوم الثاني كان مخصصاً للنقاش حول موضوع المؤتمر، أي المسيرة التكاملية لمجلس التعاون الخليجي ودولة الإمارات العربية. وقد تم عرض آلية الجلسات العامة المخصّصة لهذه الموضوعات وأهمية التفكير في الأسئلة التي يجب أن توجّه لقادة مجلس التعاون ودولة الإمارات حول التكامل العربي، على أن يتم احترام خصوصية التجربتين، ويترك نقاشها الداخلي لأهلها، وأن نكتفي بدور مجلس التعاون ودولة الإمارات بالتكامل العربي، وهو موضوع المؤتمر، وعلى أن تضع هذه النخبة المجتمعة الأسئلة التي ستطرح، على أن يتم تكليف شخصيات مميزة من المفكرين والمجالس التكاملية لطرحها باسم المجموعة خلال الجلسات العامة في المؤتمر، وذلك لتقديم نموذج حول أهمية السؤال في المؤتمرات والاجتماعات العامة، وكيف يجب أن يكون في صلب موضوع البحث ويعبر عن اهتمامات حقيقية لدى الحضور، بدل الأسئلة الاستعراضية والتي غالبا ما تكون خارج الموضوع.
طغت الإيجابيات على السلبيات وتوالت الأسئلة في كل مجال، وأدرك الجميع أهمية مبادرة الأمير خالد الفيصل رئيس المؤسسة في طرح موضوع أحلام الوحدة وواقع التقسيم في الصخريات قبل سنتين، والذي كان المراد منه تحريض الفكر العربي على التحفيز والابتكار بدل الاستغراق في الأحلام والأوهام والمراجعات، وأهمية العودة إلى الجامعة العربية وحماية ما تبقى من العمل العربي المشترك، ودعوة المفكرين والمؤسسات إلى حمايتها وتحصينها بدل نقدها وتحميلها كل المسؤوليات، والمشاركة بالحوار والنقاش والإنتاج وإلى التأسيس لثقافة السؤال وجعل التكامل العربي هدفاً ممكن المنال.