اليوم من الأيام المشهودة في تاريخ كل من يسّر الله تعالى له أن يشهده؛ مضمون فيه 'العتق من النار'، ومضمون فيه 'التكفير من الذنوب'، ومضمون فيه 'إجابة الدعاء'
عن تفاصيل هذا اليوم الأغر، يقول أشهر من روى أكثر ما حصل في حج النبي -صلى الله عليه وسلم- سيدنا جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقصواء اسم ناقته فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس وقال: إن دماءكم، وأموالكم، حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وبعد جمل مهمة، قال لهم: وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون، قالوا نشهد أنك قد بلّغت، وأدّيت، ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد اللهم اشهد اللهم اشهد.
يقول الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: حديث جابر -رضي الله عنه- مشتمل على جمل من الفوائد، ونفائس من مهمات القواعد...، وقد تكلم الناس على ما فيه من الفقه وأكثروا، وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزءا كبيرا، وخرج فيه من الفقه مئة ونيفا وخمسين نوعا، ولو تقصى لزيد على هذا القدر...
اجتزأت من الخطبة الثرية ما تقدم أعلاه، لعلنا نصل إلى بعض الفهم الدقيق للكلمات التي أرسلها إلينا صلى الله عليه وسلم، عن طريق مخاطبته أصحابه الأجلاء رضي الله عنهم.
اليوم وبكل ألم أقول إن الوعي عند البعض بقيمة كلمات النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الدماء محدود ومقيد؛ فاستحلال الدماء المعصومة أمر محرم، ومن الضروري على الجميع التعاون على العمل، من أجل استعادة ثقافة حرمة الدم التي رسخها سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا اليوم، وفي غيره من الأيام، كما عليهم، إن كانوا صادقين في نياتهم، العمل على نشر قيم الفضيلة والرحمة والسلام، والتفكير بشكل أكثر جدية، في أفكار عملية تكون منطلقا للتصالح مع الذات؛ لأنه المفتاح للتصالح مع الآخرين، وهذا لن يكون سهلا؛ إلا بأن يتبنى الناس، أفراد وجماعات، رؤى المصالحات والتصافي.
اليوم من الأيام المشهودة في تاريخ كل من يسّر الله تعالى له أن يشهده؛ مضمون فيه العتق من النار، ومضمون فيه التكفير من الذنوب، ومضمون فيه إجابة الدعاء، ومضمون فيه عدم حرمان غير الحاج مما تقدم ذكره؛ ولعل من أهم ما نرجوه فيه من المولى الكريم -جلت قدرته، وتعالت عظمته- أن يمنّ على كافة عباده بما هو أهل له من منن العفو والعافية، وتصافي القلوب.