زين العابدين الغامدي

خُلق الإنسان مجبولا على الخطيئة التي لا مفر منها في حياته اليومية، ومنذ عصى أدم ربه فغوى وذريته تسير في الطريق ذاته، ومن الأزل والخطيئة لا يكاد  ينجو منها بشر، لما جُبل عليه الإنسان من ضعف وقصور وتسلط شيطاني ونفس أمَّارة بالسوء.
ينسى أو يتناسى بعض الشباب والمهووسين بمراقبة الناس وتصيّد أخطائهم، أنهم بشر خطَّاء، دون نظر إلى أنفسهم فشغلهم الشاغل التقاط صور الآخرين وفضائحهم، ونشرها في الوسائل الإعلامية المختلفة. هوس الفضيحة وكشف أسرار الناس وإعلانها على أنها سبق إعلامي أو تشفٍ شخصي أو لأغراض عبثية أخرى، أصبح مرضا اجتماعيا عضالا يشكو منه المجتمع، وتشارك في ذلك وسائل إعلام مدفوعة الثمن، بقصد تشويه السمعة والدعاية السوداء ضد شخص أو طائفة أو مسؤول ولم يسلم من ذلك أحد، خصوصا المشاهير.
تلك اللعبة التي يمارسها إعلامي عابث أو شخص مهووس أو جماعة مغرضة، تشتمل على مخاطر اجتماعية وتربوية كثيرة وكبيرة، وهو عمل مخالف للدين والعقل والفطرة، والإسلام أمر بالستر في مواضع كثيرة ومناسبات مختلفة.
ومن المؤسف أن ينشغل كثير من الشباب بفضائح الناس، خصوصا من عُرف بالخير واشتهر به، ظنا منهم أنه عمل جائز ومشروع، وهو عمل عبثي لا يقل إثما عن إثم المفضوح الذي يستر الله عليه ويقبل توبته ورجوعه عن الخطأ الذي تم التشهير به.
مؤلم أن تكون علاقاتنا بالناس بغرض التشفي منهم وفضحهم على الملأ، ومخيف أن يتحول الإعلام، سيما شبكات التواصل الاجتماعي، إلى منصات لقذف المخالفين أو التشهير بهم أو فضح ستر الله عليهم، لمجرد اختلاف وجهات النظر دون اعتبار لأدب الحوار واحتمال الآخر بطيب نفس ورحابة صدر.
وللسفهاء وصغار العقول وسائل وأساليب غير مشروعة، كتحميل صور ومقاطع ربما تكون مخلّة وغير لائقة، وكثير منها صور مفبركة لا حقيقة لها، وعرضها على الملأ ونشرها على الملايين.
إن الأولى بمن همّه الناس أن يشتغل بنفسه وعيوبه ومحاولة إصلاحها، وملء الفراغ بما هو مفيد ونافع له وللناس وللمجتمع والوطن، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة، ولا بد أن يعرف الفرق بين الفضيحة والنصيحة، وأنه لا يخلو الإنسان في مراحل حياته وتقلباتها من زلة بل زلات، وإلا لكان الناس كلهم ملائكة. وما كان للصواب معنى مع عدم وجود الخطأ، فبالأخطاء والهفوات يتعلم الإنسان وخير الخطائين التوابون.