عمر العُمري

في غزوة الأحزاب جاءت فكرة حفر الخندق من الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه، ووافق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حين أمرنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بحَفْرِ الخَنْدَقِ عَرَضَتْ لنا في بعضِ الخَنْدَقِ صخرةٌ لا نأخذُ فيها المَعَاوِلَ، فاشتَكَيْنا ذلك إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فجاء فأخذ المِعْوَلَ، فقال: بسمِ اللهِ، فضرب ضربةً فكسر ثُلُثَها، وقال: اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ الشامِ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ قصورَها الحُمْرَ الساعةَ، ثم ضرب الثانيةَ فقطع الثلُثَ الآخَرَ، فقال: اللهُ أكبرُ، أُعْطِيتُ مفاتيحَ فارسٍ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ قصرَ المدائنِ أبيضَ، ثم ضرب الثالثةَ، وقال: بسمِ اللهِ، فقطع بَقِيَّةَ الحَجَرِ فقال: اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ اليَمَنِ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ أبوابَ صنعاءَ من مكاني هذا الساعةَ).(فتح الباري 458/7).
ففي أشد اللحظات التي كانت مليئة بالرعب والجوع وأصعب الأوقات التي مرت على المسلمين والإسلام في بداية عصره نجد أن أعظم قائد عليه الصلاة والسلام يبشر المسلمين بفتوحات لبلاد فارس والروم، ونصر وغنائم وأخبار سارّة كثيرة، وهي بعيدة كل البعد عن الواقع الذي يعيشونه من ضعف وقلة، وشتان بين إمكانيات المسلمين المتواضعة وجيوش تلك الإمبراطوريات.
ففي الأزمات لا بد من إعطاء الناس الأخبار التي تشد من عزيمتهم، وترفع من معنوياتهم، وتذهب عنهم القلق والريبة، وتعطيهم شعوراً داخلياً أن هذه الأزمة ستزول سريعاً، وستتبدل الأحوال للأفضل.
وهذا ما نحتاجه اليوم من المسؤولين والاقتصاديين، كي يذهب القلق الذي بدأ ينتشر بين الناس، ولا بد من التصريحات لتوضيح الكثير مما يجهله البعض حيال الترشيد، وقطع السبل على من يثير الشائعات، ويبث الإحباط والعدوى السلبية بين أبناء الوطن، ولا بد من إيضاح ما تتمتع به بلادنا ولله الحمد من قوة اقتصادية وخيرات كثيرة وبدائل وخيارات وأدوات اقتصادية متعددة، وأنه لا داعي للقلق والخوف والحيرة، وكلنا ثقة بالله ثم بقوة بلادنا وقدراتها، ونضع أيدينا بأيدي حكومتنا في اليسر والعسر وجميع الأحوال، فقد مر على بلادنا الكثير من الأزمات التي تم تجاوزها بفضل من الله، ولن يضيع الله تلك الجهود التي تبذل في خدمة الحرمين ومساعدة الدول الفقيرة، وللمعلومية فإن حجم المساعدات التي قدمتها المملكة سواء الإنسانية أو من خلال القروض والمنح للبلدان النامية، بلغ في عام 2014 (54) مليار ريال سعودي بنسبة 1.9 % من الدخل القومي الإجمالي للمملكة، محتلة بذلك المركز الأول بين الدول ولله الحمد والمنة. ولا بد من التذكر أن هناك أسبابا ربانية للرزق تختلف عن معايير البشر ونظرتهم السطحية.
وفي هذا المقام لا ننسى الشكر والعرفان والدعاء لجنودنا الأبطال الذين يذودون عن بلادنا ويحرسونها بأن يحفظهم الله، وأن يعجل بالنصر، فلا غالب إلا الله.