الطغيان أن يُمنع المسلم من أداء فريضة دينية واجبة عليه، وأن يربط ذلك الفعل بأهواء البشر وسياساتهم غير النزيهة، دون أن يكون السبب عائدا له كعدم القدرة البدنية أو المادية، خاصة أن هذه الشعائر أو الفروض لا يتاح له فرصة القيام بها إلا في أوقات معلومة في العام، وإن فاتته تلك الأوقات انتظر سنوات قادمة إن أمهله القدر، وهذا ما هو واقع بالفعل مع حجاج إيران، فنتيجة لفضح مخططات نظام طهران لإفشال مواسم الحج وعدم تمكينه من تحقيق أهدافه اللادينية واللاإنسانية اتجه إلى مواطنيه كحيلة المفلس لمنعهم من أداء فريضة الحج، وإكراههم على دفع ضريبة طغيانه الذي لم يردعه عن ارتكابه مخالفات دينية وأخلاقية، وإن كان المواطن الإيراني البسيط من يتحمل هذه الحماقات فلأنه مغلوب على أمره حتى وهو يعلم حقيقة الموقف السعودي ورفضه القاطع تسييس الحج أو إقحام حجاج بيت الله الحرام في أي من الصراعات التي تفتعلها بعض الأنظمة السياسية، إلا أن الحاج الإيراني لا يملك إلا خيار الخضوع والاستسلام.
إن الحديث عن جهود المملكة في موسم الحج وعن رقي تعاملها وحسن ضيافتها لمن وفدوا قاصدين بيت الله ومشاعره المقدسة ليس جديدا ولا يخفى على أحد، لكن من أتيحت له فرصة مشاهدة ذلك على أرض الواقع فسيجد أن ما يقال أو ينقل شيء يسير.
إن أول ما تلاحظه هي البشاشة والترحيب بالجميع وتقديم الخدمات والتسهيلات لجميع الحجاج من كافة الجنسيات، ثم سعة الصدر وتحمل وإصلاح ما تخلفه بعض تلك الأفواج وراءها في بعض المرافق، وكيف أن بعض الحجيج يتخذها مقر إقامة ينام ويأكل فيها، سادا الطريق على المصلين أو الزائرين، ومخالفا كل التعليمات التي تمنع مثل هذه الأفعال، وهذه ملاحظات يسيرة عما يحصل، وهنا الاستغراب كيف لحكومات هذه الدول إرسال حجاجها دون توعية أو حتى احترام لتعليمات البلد وقدسية الأماكن التي يقصدونها، بل إن هناك من يتعمد القيام بأعمال لا تصدر عمن قدم وهدفه أداء الفريضة، وبالفعل يوجد من هدفه إثارة المشاكل وليس الحج، والأمثلة حية في كل موسم، وإن عرف المصدر والمسبب فإن قرار المنع الإيراني لحجاجه يوضح أن هدف النظام الإيراني إحداث الفوضى وترويع الآمنين، بعيدا عن الرغبة الصادقة في أداء الشعيرة، والتي ينتفي مع القيام بها الرفث والفسوق والجدال، فما بالك بتعمد إزهاق الأنفس!