موضة تهافت الدوائر الحكومية والشركات الخدمية على فرض الرسوم أو زيادتها، تجاوزت كل حدود المعقول، حتى أصبحت مستهلكة، بحجة أنها في النهاية ستذهب إلى جودة الخدمة المقدمة للمستفيد منها.
أعود إلى ما قلته هنا قبل شهور، من أن تنويع مصادر الدخل الحكومي بما يكفل دعم إيرادات الدولة ويرفع دخل الخزينة العامة أمر جيد، خصوصا في ظروف اقتصادية جاءت بتأثير انخفاض أسعار النفط. وتمنيت ألا يكون ذلك على حساب المواطنين، خصوصا محدودي الدخل، لأن ذلك يعني زيادة في تكاليف الحياة اليومية عليهم.
أما اليوم.. فعبارة تنويع مصادر الدخل لم تعد كافية لتبرير زخم هذه الزيادات، لأنه أصبح لا يُرى سواها ما ينوّع الاقتصاد ويدعم الخزينة!
عندما تفرض الرسوم أو ترفع قيمتها في الوقت الذي يبقى دخل الفرد ثابتا، فذلك يعني زيادة في تكاليف الحياة، وبالتالي بُعد المواطن أكثر عن الرفاهية الموعود بها. ولو جُمع فوق رأسه عشرات المحللين الاقتصاديين ما أفلحوا في إقناعه بخلاف ذلك.
ثم إنه ليس بالضرورة أن يكون رفع الرسوم على المواطن بشكل مباشر، إذ يحدث مثلا أن يتم فرضها على غيره من المقيمين، وبدورها تلجأ العمالة إلى رفع السلع أو أجور اليد العاملة على المواطن من أجل تعويض هامش ربحها الذي قلصته الرسوم، فيصبح المواطن في النهاية هو من يدفع تلك الزيادة بشكل غير مباشر!
قد لا يكون لفرض رسم رمزي أو زيادة محدودة منفردة تأثير كبير على كل المواطنين، لكن عندما تجتمع الأجهزة الحكومية والشركات الخدمية على قوت المواطن وتنقض عليه بإقرار رسوم عالية أو بشكل جماعي، فذلك الذي يهد حيله!
أصبح أحدنا يضعه يده على قلبه والأخرى على جيبه، فلا نعلم أي وزارة أو شركة ستنطلق منها سهام الرسوم هذه المرة!