مع كل إعلان عن جائزة عربية في المجال الثقافي، يأتي الضجيج محمولاً على مركبة الجديّة وسلامة التقييم مرة، ومرة على مركبة التشكيك وسؤال الجدوى. وفي وقتٍ من الأوقات كان الكلام عائما وفي صيغة الاحتمال التي لا تملك القطع إنْ سلباً أو إيجاباً.
لكن وقائع جائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع الآداب بخاتمتها المدويّة في السادس والعشرين من أكتوبر الماضي وهي بكل الأحوال فضيحة ثقافيّة للجنة التحكيم وللهيئة الاستشارية التي بصمت وصادقت على قرار المحكّمين، فكان تجرّع الخطأ أو الخطيئة الثقافية مريرا تجاوزته لجنة جائزة الشيخ زايد للكتاب بسحب الجائزة ممن لا يستحقها وإن كان في الأفق ثمة من يودّ لو جرى السكوت عن جريمة السطو الثقافي باعتبار أن الله حليم ستّار.
غير أن الأمر جرى نحو حفظ ماء وجه المصداقيّة، وإنْ كانت هذه المصداقيّة تحتاج كما يرى البعض بحلّ الهيئة الاستشاريّة والكشف عن المحكّمين الذين ارتكبوا ذلك الخطأ الكبير القاتل حسب وصف الدكتور عبدالله الغذامي.
هذا الظلّ الكئيب الذي ألقته جائزة الشيخ زايد للكتاب، لن يكون وحيداً في مجرى الجوائز العربية، فاللغط المثار حولها صار يمتلك وجاهةً ويقيناً وليس مجرد كلام فائر في الهواء.
ولعل الساحة الثقافية ستشتعل عمّا قليل مع إعلان الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر العربية عن قائمتها الطويلة لعام 2011 فهذه الجائزة منذ إنشائها في عام 2007 وهي محفوفة بالأقاويل عن لجنة التحكيم وحساباتها غير الأدبيّة التي دعت بعض أعضائها إلى الانسحاب وتسجيل نقاط في مرمى البوكر العربية تضرب في نزاهتها، وما قرأناه حول الروائية اللبنانية علوية صبح فيه الكفاية من الدلالة حول سوء الحسابات وحول شد لي وأقطع لك.
هذا القول العربي المأثور في تبادل المنافع الشخصية والمصالح الأنانية، يجد صدقيّته التخريبية في جميع المجالات من سياسية واقتصادية واجتماعية، فمن الغريب ألا ينسحب على الثقافة العربية وجوائزها، فالمنطق العام غالب وحاكم، فذهنيّة الفساد لا يستعصي عليها أي مجال. لها قدرة غلابة على النفاذ والتأثير.
لكن ربّ ضارة نافعة، فما جرى من أخطاء في جائزة الشيخ زايد للكتاب يمثّل درسا استباقيا وصدمة كاشفة لما يلي. لا أظن ـ وأرجو ألا يكون نوعا من الظن الآثم ـ أن لجنة تحكيم البوكر العربية هذه المرة لن تضحي محكومة بـ مفاوضات كتلك التي مرّت بها في دورات سابقة، فهي أمام امتحان واستحقاق لن نعرف نتيجته إلا مساء الرابع عشر من مارس القادم.