ليست مجرد صور تلك التي تأخذ مساحة من لحظاتنا .. أيامنا .. أعمارنا ..
أحيانا تكون دليل إدانة لذكرى .. لشخص ما .. وأحيانا تجلو عن حقيقة مخبأة في ابتسامة شخص يضع يده على كتفك أو وجوه تلتف بين أجسادها ولا تدركها إلا متأخرا!؟ وربما تكون تلك الذكرى جميلة .. فرحة .. في لفة شماغك أو ممسكة بطرف عباءة سوداء أو فستان أزرق كان أو أبيض أو أحمر ..الألوان تبدو ساذجة أمام ذكرياتنا التي تباغتنا بعد التعب..
إنها حقيقة أيا كانت؛ تختبئ في تلك الملامح، والأمكنة التي يحبسها فلاش الكاميرا بضغطة زر من يد عزيز أو عابر أو غامض أو حتى مُستغل .. فـأزرار الكاميرا وحدها من يشعر ببصمات الأنامل الضاغطة عليه، وكل ما في الأمر أنك تقبلُ بعد لحظة ضوء تخطف بصرك أن تُسجن في زمن طويل على ورق أملس مقوى ..أسميناها صورة!! وكثيرون منّا تحولوا عبر الزمن إلى سطح أملس على ورق الصور المقوى، بعض وجوهنا غادرت وبعضها الآخر بقي!! واليوم بات محو التجاعيد والعيوب وتغير سمرتنا سهلا جدا.. بات تزييف وجوهنا برسم ملامح جديدة سهلا جدا؛ ربما لأننا اعتدنا الكذب والنفاق حتى على أنفسنا مع هذه الصور؟! لكن ماذا بعد عشر أو عشرين سنة على صورة مزيفة لوجوهنا وأجسادنا؟! ما الحقيقة التي ستواجهنا بها تلك الصورة؟!
لا أعلم؛ خواطر وغيرها باغتتني حين عبثتُ مع العيد بصور قديمة لي، وشعرتُ أني حبيسة داخل ورق مقوّى؛ ورأيتني في إحداها ابنة ست متشعبطة بأغصان شجرة كبيرة، وتساءلت كيف تسلقتها؟! أخرى كنتُ ابنة ثماني على ظهر خيل صغيرة في كورنيش جدة وقلت من سلب هذا الحلم؟! وأخرى منذ سنوات قليلة؛ كنتُ فيها أنظر بتأمل لـ لسيدة حرية أقصد تمثال الحرية في مدينة نيويورك ملتفة بملابس شتوية، وهمست ليكان البرد قارساً جدا أمام السيدة حرية.
ثم تذكرتُ زميلة قديمة لي واستماتتها في حرمانية الصور لأنها تجسد أرواحا، كانت تزوجت صغيرة وصممت على عريسها ألا تسمح للفلاش يوم زفافهما؛ ثم كان مولودها الأول والثاني والرابع وأبت للكاميرا بدخول بيتها؛ ورفضت مشاركة أسرتها أي صورة؛ وتوفي والدها ووالدتها وأخ لها؛ وباتت بدونهم وبلا صور؛ وجاءتني مرة نادمة تخبرنيالشيخ الذي تأثرت بفتواه يحتفي بصور مناسباته في كل مواقع الإنترنت وعلى صفحات الصحف ولا تفارق مقالاته! وتذكرتُ صوت صديقة مهووسة بالصور، تخبرني لا يبقى لنا سوى الصور وحين جاءها فارسها لم تفوت لحظة دون صورة معه؛ في الخطبة، في الزفاف، وكل الأمكنة، وفي يوم طلاقها منه كانت الصور وحدها من تحملت ذنب الفشل! فقصت وجهه .. يده .. جسده من كل الصور، وأبقت وجهها المبتسم!! سألتها: ما ذنب الصور؟! أجابتنيتحبسني داخل الوهم يا حليمة!!
ألم أقل لكم إن الصور في حياتنا ليست مجرد صور .. إنها حياتنا بتناقضاتنا؛ ولكن على سطح أملس مقوى!! تأملوها ربما رغبتم في التخلص من بعض الوجوه أو طبع قبلة على أخرى وضمها إلى أحضانكم؛ وفي النهاية أترككم مع كلمات صور للأمير بدر بن عبد المحسن وصوت قيصر الغناء العربي كاظم الساهر، أضع رابطها هنا.
http://www.youtube.com/watch?v=jyxp3MOtvQE