وزارة الإسكان أرجعت أسباب تعثر المشاريع وتأخيرها إلى القصور الشديد في القدرات الفنية والإدارية والبشرية للمقاولين، لا أدري لِمَ لم يضيفوا 'والعقلية'، ليكتمل السجع ويكون التأثير أكثر إقناعا!
في بداية عام 2016، كشفت هيئة الرقابة والتحقيق عن نسبة تعثر مشروعات خطط التنمية بلغت 72%، فيما بلغت المشروعات المنتظمة 5% فقط.
الآن، ونحن قاب قوسين من نهاية العام، لا أدري ماذا حدث في الـ5%، هل ما زالت منتظمة أم تعثرت؟
ما أنا متأكد منه، أنني لو رفعت النسبة ووضعتها فوق 80%، فإن الرقم لن يلفت نظر القارئ، فقد أصبح لدينا التعثر هو القاعدة والتنفيذ هو الاستثناء، ووصولنا إلى هذه المرحلة في حد ذاتها هو أمر مرعب، إذ أصبح التعثر لا يلفت النظر، وكي لا يأخذ المقال منحى التباكي والوعظ للمسؤولين ومقاولي المصافيط.. ومن تحت الشليل -الأخيرة ترجمتها من تحت الطاولة لغير الناطقين بها- فإن المخرج هو سؤال: لماذا تتعثر المشاريع؟
هذا على اعتبار أن المفترض ألا تتعثر المشاريع، وليعذرني خبراء التعثر الإستراتيجي على اجتهادي.
وفي محاولة للإجابة عن السؤال الذي يتبختر أعلاه، لعلي هنا أستشهد بوزارتين تصلحان أنموذجا لعذر البقية، إذ يكاد المسؤولون أن يتفقوا على سبب التعثر، فوزارة التعليم أعلنت على لسان متحدثها الرسمي أن المشاريع المتعثرة بلغت 120 مشروعا، مشيرا إلى أن الوزارة فسخت عقودها مع الشركة الصينية المنفذة، بعد أن فشلت في تنفيذ المشاريع التي استلمتها قبل 10 سنوات! يا الله! سؤال التعثر يلد عشرات الأسئلة.
للأمانة، عند وصولي إلى هذا السطر طرأت في ذهني فكرة أن أشق هدومي وأخرج إلى الشارع، وأترك للقارئ محاولة فهم هذا العذر، أو على الأقل أترك هذا الموضوع وأناقش الشأن الداخلي للدول الأخرى، وأشتم الزملاء وأشكك في نواياهم، وكأن الآخرين ينتظرون رأينا، فأحيانا للهروب في ذاته متعة، بغض النظر عن أين وإلى!
وزارة الإسكان –تستحق أن تكون أيقونة تعثر بنفسها– أرجعت أسباب تعثر المشاريع وتأخيرها إلى القصور الشديد في القدرات الفنية والإدارية والبشرية للمقاولين، الأمر يستحق التفكير، فالشركات المحلية تعثرت، واستعنا بشركات أجنبية وتعثرت أيضا، أعلم أن هنالك أسئلة ستطرأ، مثل: كيف تم التعاقد مع هذه الشركات ما دامت بهذا الوهن الذي وصفه السجع المؤثر؟ أو كيف لم يتم اكتشاف التعثر قبل ذلك؟ وهذه أسئلة تحاول أن تتفذلك، فنحن نؤمن بالقضاء والقدر، والعين، وهذا ليس ببعيد عن رأي برلماني عربي في السبعينات الميلادية، عندما طالب بإلغاء وزارة الصحة في بلده، لأنه يرى أن المرض والموت والحياة كلها بيد الله، فما الحاجة إلى وزارة الصحة!
الكلام أعلاه كان في غاية الجدية، ولهذا سنختم بسؤال ساخر لإبعاد الملل عن القارئ: ما السبب الحقيقي لتعثر المشاريع؟!