كثير من الناس يخلط بين انتقاد أداء الحكومة وبين انتقاد الأفراد. وأن المناصحة يجب ألا تكون في العلن. بل إن بعضهم يتعامل مع الحكومات وكأنها إنسان، ويضرب لك المثال الشهير والمستهلك فيقول: لو كنت في مجلس كبير مليء بالناس، هل تتقبل النصح والنقد من أحدهم أمام كل الموجودين، أم تفضل أن تكون مناصحتك في السر؟
هو يتعامل مع الحكومة وكأنها أحد أصدقائه، ويعتقد أن انتقادها قد يجرح مشاعرها، وهذه كارثة، والكارثة الأعظم أن نربط الانتقاد ومطالبات الإصلاح في الداخل بالأوضاع الخارجية والأمنية للبلد، بحجة ليس هذا هو الوقت المناسب.
هذه الفكرة تثبت أن كثيرا منا يتعامل مع الحكومة وكأنها فرد يجب أن تراعي ظروفه عندما تطلب منه أمرا يخصك.
صحيح أن بلادنا مرت بأزمات داخلية وخارجية كثيرة، منذ حادثة جيهمان مرورا بحرب الخليج، ثم معركتنا مع الإرهاب إلى حرب اليمن والتطرف الداعشي، ولكن نحن في منطقة مشتعلة وأحداثها ملتهبة، وليس من المنطقي أن نعطل كل مطالبات التصحيح بحجة الأزمات التي نمر بها! نحن لسنا ضعفاء ولا جبناء، واستطعنا أن نتجاوز كل هذه الأزمات معا، ومحاولات التصحيح والانتقاد هي أيضا جزء مهم ودافع قوي لتجاوز هذه الأزمات والأزمات القادمة.
هذه الأزمات تتعرض لها كثير من دول المنطقة وهي لا تنتهي! دعونا نتعامل مع هذه المطالب كما نتعامل مع دوري كرة القدم الذي لم يتوقف طوال هذه الأزمات إلا مرة واحدة.
مشكلتنا الحقيقية في من عينوا أنفسهم متحدثين باسم الحكومة رغم أنهم لا يمثلون أي صفة رسمية فيها، وأصبحوا يملون علينا ماذا نقول ومتى نقول، ولو خالفتهم لشككوا في وطنيتك وطعنوا في حبك لوطنك!
هذه العينات تعتقد أن حب الوطن يكون بالتطبيل والتزلف. نحن ننتقد لأننا نحب وطننا، ولأننا نحلم بمستقبل أفضل لنا ولأجيالنا القادمة.