مع المحن الأخيرة التي تمُر بها المنطقة العربية، لا ينبغي أن يصبح الأدب فقط عرضة للتغيير تبعاً لهذه المحن، بل ينبغي أن يدفعنا لفهم الواقع ويرشدنا إلى فهم موقفنا منه.
يوفر الأدب، بجميع أشكاله، أفضل مصدر لوسائل الترفيه التي تصرف الناس عن مشكلات حياتهم اليومية عن طريق التمتع الجمالي والمعرفي والشعري الذي يُعطي معنى للحياة، ذلك بإعادة ترتيب ونسيج الأحداث بسرد بديل إبداعي متماسك، على عكس سرد الأحداث من واقع الحياة المؤلمة.
لقد هيأت الفترة التحولية الحالية تحديات هائلة بالنسبة للأدباء العرب. فعلى الرغم من كراهية حصارهم، ساعدت التحديات في محاولتهم تمهيد الطريق لظهور اتجاهات استثنائية في الرواية العربية. وهذا يذكرنا كيف وضعت الحربان العالميتان الأولى والثانية الأساس لظهور الكلاسيكية المستقبلية، مثل رواية: عالم جديد شجاع لالدوس هكسلي، وجورج أورويل في روايته 1984.
وفي مقال نُشر بصحيفة نيويورك تايمز أخيراً، قالت الكاتبة الكسندرا ألتر: الخيال العلمي والسريالية وفرا صمام هروب للكتاب الذين يعيشون في مجتمعات منغلقة. لكن ماذا يدفع الكتاب العرب للجوء إلى مثل هذه المناهج؟ هل هو مجرد مظهر من مظاهر رغبتهم في الهروب؟ أم هي ظروف بائسة في الوقت الحاضر فقط؟ أم أن هناك سياقاً أوسع وخلفية أكثر عمقاً؟
اعتماد الأساليب الإبداعية التي تُعرض بديلاً للاواقعية أو المثالية مثل الواقعية السحرية، والفنتازيا، والواقع المرير، والسريالية، أو صيغ جديدة مثل الروايات والرسوم البيانية ينبغي ألا تكون رغبة في الهروب، بل يجب أن تكون مدروسة جيداً وبمضاعفة التعهد بممارسة الأسلوب الإبداعي.
ففي بعض دول الخليج، كان النجاح الكبير حليف رواية ساق البامبو، للكاتب سعود السنعوسي الحائز على الجائزة العالمية السادسة للرواية العربية، وكذلك روايته فئران أمي حصة التي تتحدث عن الواقع المرير المثير للقلق، وتحذِّر من آفة الفتنة الطائفية ومن الأمراض التي يمكن أن تخترق النسيج الاجتماعي. 
يهدف الأدب وهياكله الداخلية وأفكاره بمثل هذه الأنماط الخيالية المثيرة والشجاعة إلى تكثيف المعنى والتأثير الخلاق في مواجهة الحقائق المعقَّدة والبشعة المملوءة بالدمار وعدم الاستقرار والعنف المفرط.