ثامر الجبير

من قرأ مقال وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، المنشور في صحيفة نيويورك تايمز في 14 سبتمبر، يتعجب، فلا يمكن أن يكون مستوى قلم وزير خارجية إيران أو من يستعين بهم في كتابة مقالاته، أقلّ من مستوى مقالات كُتاب الصحف الصفراء.
كلام مرسل دون دليل أو برهان، والمضحك في الأمر أنه في حال إبدال اسم المملكة العربية السعودية بإيران، ومصطلح الوهابية بولاية الفقيه، والرياض بطهران، ستجد المقال تلقائيا قد أصبح صحيحا، ومتفقا عليه من العموم.
ذهب ظريف في اتهام السعودية بأنها مصدر الإرهاب، ويدعو العالم إلى إيقافها، يدعو ذلك من صحيفة أميركية تصنف إيران بأنها الراعي الأول للإرهاب، كما أن الأميركيين يعلمون أن حادثة تفجير بيروت 1983 التي راح ضحيتها 241 جنديا أميركيا يقف خلفها جهاز مخابرات أسياد ظريف، ولا أحد يجهل اليوم سجلّ النظام الإيراني الحافل بالإرهاب والغدر والخيانة. وعندما علل أن صدام مات كإشارة إلى أنه كان أداة السعودية الوحيدة في لجم إيران، فإن أقل الخبراء الإستراتيجيتين تأهيلا وخبرة في مجال اختصاصه، يجد أن ذلك لا يليق بأن يخرج من قلم رجل يحمل حقيبة وزارة خارجية دولة.
فعناصر القوة الوطنية السعودية لا تحتاج إلى شخص مثل صدام كي تحافظ على أمنها الوطني، بل ولا تحتاج إلى حلفاء لحماية أمنها، ولو احتاجت فإن لديها من الحلفاء الأكثر فعالية مما يعتقد، بل وهي قادرة على جلب تحالفات جديده بأكثر مما يتخيل هو ونظامه، ولا أدري إن كان ظريف قارئا جيدا للتاريخ أم لا، فقد نسي أن عاصفة الصحراء كانت قرارا دوليا بدعم وموافقة سعودية بامتياز، لِلَجْم أطماع صدام ونظامه وإعادة دولة الكويت حرة مستقرة، في حين سلبت طهران طائرات النظام العراقي السابق، كما لا أعتقد أن ظريف مهتم بما يترجمه ويؤلفه خامئني، خاصة في إنتاجه الوفير في ترجمة كتب سيد قطب، خاصة معالم في الطريق الذي يعد دستورا لتنظيمات الإرهاب والضلال كالقاعدة وداعش.
ولعل ظريف أيضا، لا يستطيع أن ينكر اعتراف العدناني -المتحدث باسم داعش- وهو يقر أن رموز تنظيم القاعدة تختبئ في الأراضي الإيرانية، وأن إيران، وعلى مر السنوات الماضية، لم يصبها أذى من كل التنظيمات الإرهابية التي طالنا أذاها وإرهابها، وإن دل ذلك على شيء فيدل على أن مصالح طهران تتقاطع مع مصالح التنظيمات الإرهابية. على كل حال، لا يمكن أن نزيد عليه في الرد أكثر من ذلك، أو أن نطالبه بأن يدافع عن بلاده في دعمها للإرهاب، فالاتهام مثبت بالأدلة المؤكدة، وهذا المطلب يفوق قدرته، ولكن بإمكاننا أن نطالبه بألا يرمي مساوئ نظامه على المملكة العربية السعودية.