الحتة الوسطانية التي أشار إليها زيدان اشتعلت غضبا عليه رغم أنه ليس إلا ما يظهر فوق السطح للعيان، وما يخفي العمق هو الأدهى والأمر، لكننا نحب الحديث عن الأمور السطحية ونتبادل معها لغة سطحية وننتهي وهي إلى نتائج سطحية.
في بداية هذه السنة صدر حكم ضد شاعر فلسطيني من محكمة سعودية، بعدها قام بعض المثقفين العرب بحملة منظمة استهدفت رفع بيان يندد بالحكم ويشتكي السعودية إلى الأمم المتحدة في الوقت الذي كانت السعودية تخوض حربها في كل الجبهات ضد المؤامرة على الشعب السوري واليمني.
في الحقيقة أن الموقعين 300 أحدهم هو معن الباري الذي كتب في موقع العربي الجديد ساخرا من هذه اللمة العربية ضد السعودية، وكيف أن هؤلاء المثقفين لم يسمع لهم حس في الإعدامات والسجن والسحل والتعذيب التي تطال المثقفين في بلادهم، ومع ذلك تجمعوا ضد السعودية. أضف أن السعودية التي لم يسبق لها قتل شاعر أو تعذيب مثقف كتب ضدها بيانا وسلم إلى الأمم المتحدة.
نستطيع أن نقول إن العرب يحقدون علينا ويكرهوننا إلخ من قائمة التفسيرات التي لا ترقى لتكون مبررا جديرا بالنقاش، فعدد 300 مثقف لا يجب الاستهانة به، ولا يجب تجاهله، نحن بلد له مكانته في العالم كله في قلوب البسطاء، ويجب أن يحصل على مكانته اللائقة به في عقول أهل القلم والوعي، لذا نحتاج أن نبحث ما خلف هذا ونعالجه.
لنتساءل ماذا فعلنا لنقل الصورة الحقيقية عن بلادنا إلى المثقف الأقرب إلينا، وأعني به العربي، هل هذه النظرة المليئة بالاحتقار من نتاج عملنا وحصاد جهدنا أم من أين؟
كمعلومة صغيرة هل تعلم أن مذكرات عبدالوهاب المسيري خلت من اسم مثقف سعودي واحد، ما عدا الدكتور سعد البازعي؟ لا شك أننا نتفق في احترام فكر وثقافة عبدالوهاب المسيري، وكذلك سلامة صدره من أحقاد الشوارع، فلماذا بعد سنوات من عمله في صرح كجامعة الملك سعود مليئة بالمثقفين لم يشر سوى إلى مثقف واحد فقط؟
ذات يوم وقبل سنوات نشر موقع أدبي عربي يقوده شاعر عراقي رسالة من قارئ من الرياض تندد بالرواية السعودية، وثارت ثائرة الأدباء السعوديين حتى قال أحدهم إنه لطالما حاول النشر في الموقع لكن لم ينشر عمله بينما تنشر رسالة كهذه؟
يا له من تساؤل في الحقيقة!! لم يسأل الأديب السعودي نفسه لماذا يكتب الروائيون السعوديون هذه اللغة الصادمة التي تمتلئ بلغة الشوارع الخلفية ثم يتم الاحتفاء إعلاميا أنها كسرت التابو وحطمت القيود.
في الفعاليات الثقافية نستضيف مثقفين عربا على درجة عالية من الثقافة، وفي نفس الوقت ندعو محسوبين على الثقافة، ونعمل على تعرية أنفسنا أمامهم فيظنوا أن هذه التي ارتج البهو من صوت كعبها العالي هي خنساء السعودية، وأن هذه الشلة التي تحضر كل تظاهرة ثقافية كحق مكتسب بسبب أن موظفا صغيرا في الجهة المنظمة صديق أحدهم هم جماعة أبولو في السعودية.
إن لوم الآخرين على نظرتهم المستهينة بنا ليس خطأهم بقدر خطئنا وقصورنا نحن، ونحن فقط من يستطيع أن يجعل ذلك من الماضي.