قد تبدو هذه القصة القصيرة طريفة، حتى وإن كانت غير حقيقية، وقد يراها البعض سخيفة، لكنها في كلتا الحالتين ذات مغزى عميق!
سألت المرأة صديقتها: أنت بارعة في طبخ السمك، لكنني ألاحظ أنك تقطعين رأس السمكة وذيلها، ما السبب؟!
أجابتها بشيء من الذهول: لا أعلم حقيقة عن السبب، الذي أعرفه أنني وجدت أمي تفعل ذلك!
عند المساء، اتصلت المرأة بأمها للاستفسار عن السر، فقالت الأم: لا أعلم؛ فقد كنت أشاهد جدتك تفعل ذات الشيء، وكنت أفعل مثلها!
عند الصباح حملت الأم السؤال نحو الجدة الطاعنة في السن: لماذا كنت تقطعين رأس السمكة وذيلها؟!
فقالت: كنت أملك قلاية صغيرة وكانت السمكة كبيرة، وأكبر من مساحة القلاية، وكنت أضطر لقطع رأس السمكة وذيلها!
انتهت القصة. إن كان نفسك قصيرا، انصرف من هذا السطر؛ لأن ما سيأتي تمثيلٌ لما سبق!
أمر غير مفهوم هذا الذي يحدث. أشياء تتراكم مثل ذرّات الغبار. تتشكل مع مرور السنين فتصبح عادات لا يستطيع الناس الفكاك منها. ولو سألت أحدا عنها، لقال لك: الناس يفعلون ذلك!
خذ لديك هذه الزواجات التي تزدحم بها قاعات الأفراح -ليلة ورا ليلة- زواجات متتالية أفسدت على الناس إجازاتهم، وأرهقت ميزانياتهم، تتكدس حفلات الزواج وراء بعضها كأنها طابور أمام موظف خطوط بليد؛ فتفقد نكهتها، وجمالها. أحيانا يتصادف دعوتك لثلاثة زواجات في ليلة واحدة. لتتحول من مناسبات فرح وبهجة إلى أداء واجب، وتسجيل حضور. يصبح المعازيم كالمعلمين في الأسبوع الأخير من العام الدراسي، تسجيل حضور وانصراف. دون أي قيمة تذكر لهذا الحضور!
ولا تعلم السر الذي يجعل الصيف اللاهب موعدا للزواجات! الكل يقول لك: الناس اعتادوا على ذلك.
حتى في الوقت الذي أحجم الناس عن السفر لحضور زواجات الآخرين، بقيت هذه العادة الاجتماعية متماسكة. ولو أجريت استفتاء عن سبب تكدس الزواجات في الصيف سيقول لك العريس: مدري!
وما إن تنتهي إجازة الصيف حتى يعلن عن انتهاء موسم الزواجات. وموعدنا الإجازة الصيفية القادمة!