أبها: الوطن

قالت الكاتبة أنطونيا أوبريتا، في تقرير لها في صحيفة ستريت البريطانية: كما تعرفون من مقالاتي السابقة فإن الشكوك تراودني حول فكرة أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيبقي اقتصاد المملكة المتحدة غير متضرر نسبيا. ببساطة أشك بأنه يمكن لبريطانيا تحقيق الخروج من أضخم بقعة تجارية وفي نفس الوقت ستحتفظ بكل تلك المميزات، التنقل الحر للسلع والخدمات ورأس المال، بينما ترفض الأمر الذي يراه مؤيدو خروج بريطانيا جانبا سلبيا، التنقل الحر للبشر.


معيار جديد
للمرة الأولى منذ الاستفتاء اكتشفت خبرا بالفعل يسعدني، على صحيفة فايننشال تايمز، يكشف أن البنوك الضخمة تخطط من أجل وضع معيار جديد من أجل توضيح وتنظيم التجارات المالية باستخدام قاعدة البيانات Blockchain – التكنولوجيا التي تدعم عملة البِيتكويِن الإلكترونية. مما قد يعني أن هذه التكنولوجيا الجديدة نسبيا المستخدمة من قِبل البِيتكويِن قد تحدث فرقا كبيرا في الآثار المترتبة من خروج بريطانيا على اقتصاد المملكة المتحدة، على الأقل في أحد القطاعات المهمة وهو القطاع المصرفي.

القطاع المصرفي
أولا: أحد الأسباب وراء دعم البنوك الضخمة في لندن للبقاء في الاتحاد الأوروبي هو حقيقة أن تصفية الصفقات المخصصة باليورو لابد أن تكون داخل الاتحاد الأوروبي. لذلك فالخروج من الاتحاد الأوروبي سيؤثر سلبا على خدمات المملكة المتحدة المصرفية. أصر البنك المركزي الأوروبي على قانون صدر في 2011 ينص على أن مخالصة الصفقات المخصصة باليورو يجب أن تتم في الدول التي تستخدم اليورو كعملة لها. وتحدت لندن هذا القانون في المحكمة قائلة إنه يفرق بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، وقد ربحت.


مخالصة الصفقات
بخروج لندن من الاتحاد الأوروبي ستخسر تلقائيا الحق في مخالصة الصفقات المخصصة باليورو، إلا إذا استطاعت بالطبع أن تتفاوض بشأن بعض الاستثناءات، ولكن قد يتضمن هذا الأمر الموافقة على حرية التنقل غير المستساغة. هنا يأتي دور Blockchain، وفقا لمقالة فايننشال تايمز فإن أربعة من أضخم بنوك العالم، هي بنك يو إس بي إس، والبنك الألماني وبنك سانتاندير وبنك أوف نيويورك ميلون، تعاونت معا من أجل أن تستحدث نوعا ما أداة لعملة رسمية، وستطرح الفكرة على البنوك المركزية. بهذه الطريقة من الممكن لكل الصفقات في أي مكان أن تسجل وتخالص إلكترونيا وبشكل آمن وسريع. وذكرت الصحيفة أن البنوك الأربعة تأمل في إيجاد حل تجاري جاهز بحلول 2018.


2 مليون موظف
لكن لا يمكن الاستهانة بأهمية قطاع الخدمات المصرفية في المملكة المتحدة. وفقا لإحصائيات شركة City of London Corporation أن قطاع الخدمات المصرفية ينتج 9.6% من إنتاج المملكة المتحدة، والخدمات المهنية المتعلقة به تساهم بـنسبة إضافية 4.9%. من باب المقارنة، فإن مساهمة قطاع الخدمات المصرفية في الناتج المحلي الإجمالي الأميركي هي بـ7.6%، أما بالنسبة لأكبر دولتين في منطقة اليورو ألمانيا وفرنسا فهي حتى أقل 4.7% و4.2%. بريطانيا هي أكبر مصدر للخدمات المصرفية في العالم، كما أن القطاع المصرفي يوظف حوالي مليوني شخص في المملكة المتحدة.

المعاهدة الأوروبية
قد يعني بأنه الوقت المناسب للبنوك في لندن، إذا أثارت المملكة المتحدة المادة 50 من الاتحاد الأوروبي، فالمعاهدة التي تنص رسميا على أنها ترغب بمغادرة الاتحاد، في مطلع العام المقبل كما أشارت رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وهنالك فرصة لمدة سنتين من أجل التفاوض بشأن الانسحاب. هذه التكنولوجيا قد تمنح مدينة لندن ميزة قوية. سيكون بإمكان البنوك أن تناقش عدم احتياجها إلى نقل مقراتها إلى فرانكفورت أو باريس طالما لديها صلة مباشرة مع البنك المركزي الأوروبي من لندن، بمساعدة هذه التكنولوجيا. بالطبع هذه كلها مجرد توقعات، وسوف تحل جزءا من المشكلة التي يتسبب فيها خروج بريطانيا على بنوك المملكة المتحدة. هذه التكنولوجيا لا تعني أن البنوك ستحتفظ بحقوق تنقلها، والحق بعرض خدماتها في الاتحاد الأوروبي، إذا غادرت المملكة المتحدة، فهذه مسألة تنظيم وليست مسألة تكنولوجيا. كما أن البنك المركزي الأوروبي عادة ما يكون أكثر تحفظا من البنوك المركزية الأخرى، وليس من المؤكد بعد أنه حتى سوف يدرس هذه التكنولوجيا.