في الطائرة وقفت سيدة تبدو في منتصف العمر خلف مضيفة الطيران التي نقلت نظرها بيني وبين زوجي تستأذنه أن تجلس المرأة في مكانه لأنها لا ترغب في الجلوس بجوار رجل. لم ينتظر زوجي رأيي وقفز كأي رجل شهم وتركها تجلس.
كان بين يدي صحيفة جرى بيني وبينها نقاش قالت فيه أنتم الكتاب ليبراليون تريدون تغريبنا، فسألتها: أنت مسافرة وحدك دون محرم وأنا الليبرالية لا أسافر بدون زوجي.. فردت: لدي مبرري.. قلت: وهل هناك امرأة تسافر وحدها بلا مبرر؟ فلم تصنفون عملا كهذا كعمل ليبرالي وغير مقبول شرعا لكنه قابل للإسقاط باختلاق المبررات؟
هذه المرأة لا أشك مطلقاً أنها ومثلها خلف هاشتاق سعوديات ضد إسقاط الولاية، والذي امتلأ باتهامات وصلت إلى المساس بأعراض النساء، ودعوات عنصرية لسحب الجنسية كما هو معتاد ممن لا يملكون الحجة.
لم تمثل لي قضية ولي الأمر مشكلة من قبل إلا قبل عام واحد فقط عندما أردت تجديد جواز سفري. قمت بدفع مبلغ التجديد وذهبت إلى الجوازات وبيدي جوازي، وأخبرت العسكري بقصتي مع نظام أبشر، فبدا لي أني قلت له نكتة، لكن عندما رأى دهشتي قال بشفقة بالغة: صفحة أبشر يعملها ولي أمرك، ويضع فيها أنه يقبل أن تجددي جوازك.. صدمت مرة أخرى وقلت: لكن من تقصد بولي أمري؟
فقال وهو يشير إلى أصابع يده: والدك، أخوك، زوجك، أو ولدك لو كان أكبر من 16 سنة! تركته ومضيت وحزن الأرض يلفني هل يرون أن عمر ابني أكمل رشداً مني؟!
مرت أمامي وجوه كل النساء السعوديات، وتخيلت أن حياة سندي وغادة المطيري وفضيلة الجفال لا يستطعن تجديد جواز سفرهن دون ولي أمر!
ما هو المبرر؟ في الحقيقة كانت الولاية ثابتة شرعاً، وإذا كانت ثابتة شرعا فهل تشمل تجديد وثيقة رسمية؟