رغم تأكيدات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في مؤتمر صحفي عقب مباحثاته مع نظيره الأميركي جون كيري، في جنيف، أن البلدين على بعد خطوة واحدة من بلورة نص اتفاق بشأن سورية، إلا أن تفاصيل اللقاء وما أسفر عنه، أشارت إلى أن الطرفين يقفان في المربع الأول بشأن مصير الأسد، والتفاصيل الجادة حول ما تسميه موسكو فصل الإرهابيين عن المعارضة.
ورأت تقارير أن تصريح لافروف بشأن بلورة نص اتفاق، وأن الوثيقة سيتم عرضها على الرأي العام العالمي في وقت قريب، مجرد تطمينات ليست لها قيمة، وبالذات مع إشارات لافروف إلى أن موسكو توصلت مع واشنطن إلى اتفاق حول العمل في اتجاهات محددة وتكثيف الاتصالات الثنائية بهذا الهدف، مما يعني أن الحديث لا يزال يدور بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق حول العمل، وليس إلى وثائق أو اتفاقيات واضحة وملموسة.
احتمال الاتفاق
لم ينف لافروف إمكانية وجود صفقة حول سورية، دون الإشارة إلى تفاصيل الصفقة أو توجهاتها، ولكنه نفى نفيا قاطعا بأن تكون هذه الصفقة تقتضي حظرا على طلعات طيران نظام دمشق، وأوضح أن الطرفين توصلا إلى تفاهمات محددة سيجري تطبيقها بعد أن يتم التنسيق حول التفاصيل الفنية وأن تبدأ الآلية التي لا يمكن البوح بها الآن أن تعمل. لكن مهمتنا لا تكمن في أن يتوقف هذا الطرف أو ذاك عن مهمة الطيران، حسب تعبيره.
وتحدث مراقبون حول تغييرات في الموقف الروسي قد تظهر تدريجيا، في ظل الخلافات التي ظهرت أخيرا بين موسكو وطهران، وإصرار الأخيرة على دور أكبر في سورية وحولها، وغضب وقلق مكتومين في أوساط نظام دمشق.
تفاهمات سرية
ألمح المراقبون إلى أن تصريحات كيري بعد لقائه لافروف تشير إلى أن الطرفين لم يتوصلا إلى أي نتائج ملموسة خلال مباحثاتهما، وأن هناك بالفعل صفقة متعددة المحاور ويجري إعداد الملفات بعناية. وأضافوا أن لقاء لافروف وكيري، بحد ذاته، يمثل شكلا من أشكال التقارب رغم كل الخلافات القائمة بين موسكو وواشنطن بشأن الأزمة السورية عموما، وحول العديد من التفاصيل المتعلقة بتوسيع التنسيق العسكري، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق السورية وتوزيعها، والتعامل مع قوى المعارضة المختلفة وتصنيفها، وعلاقة فصائل المعارضة بالجماعات والتنظيمات الإرهابية، والعلاقة مع الأكراد، ومستقبل الأسد، وأدوار بعض القوى الإقليمية الفاعلة في النزاع السوري. وذهبت تلك التقارير إلى أن كيري توجه إلى جنيف بعد زيارته إلى الرياض ولقائه بقيادات المملكة، والعديد من ممثلي دول مجلس التعاون الخليجي. وقبلها بيوم واحد فقط كان نائب الرئيس الأميركي جو بايدن يزور أنقرة ويلتقي بالقيادة التركية. مما يعني أن كيري وصل إلى سويسرا مدعوما ومسلحا برأي إقليمي مهم، وخاصة بعد أن قامت قوات الجيش السوري الحر بمساعدة القوات التركية ببدء عملياتها ضد الإرهاب في شمال سورية.
تثبيت المواقف
استباقا لأي تصريحات روسية تعطي انطباعا بأن هناك تنسيقا عسكريا بين موسكو وواشنطن، نفت الأخيرة وجود أي تنسيق عسكري في سورية. وقال المتحدث باسم البنتاجون، بيتر كوك، إن تحقيق تنسيق لجهود الولايات المتحدة وروسيا بشأن سورية يتطلب تسوية قضايا كثيرة. وقال لم نحقق بعد خطط التنسيق المحتمل للجهود. يجب تسوية عدد من القضايا المهمة قبل القيام بالخطوات التي ناقشها وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرجي لافروف، في الشهر الماضي في موسكو. ولم نصل إلى ذلك بعد. وإمعانا في تأكيد موقف واشنطن، حمّل كوك موسكو ودمشق من جديد المسؤولية عن قصف المناطق السكنية، مؤكدا أن ذلك يغذي النزاع ولا علاقة له بضرب المتطرفين، وأن أعمال الطرفين الأخيرة تزيد من صعوبة هذه العملية. وطالب كوك روسيا بقائمة مهمة من المطالب.