لن نكرر ما هو معلوم من أن حماية الأوطان مسؤولية أبنائها، فهذا القول معلوم والشعوب على مدار التاريخ البشري، أثبتته الأحداث من خلال تعاقب الأمم على هذه الأرض، بل إن الحيوانات تشاركت مع البشر في هذا العمل، والكل يسعى جاهدا إلى تحصين مملكته من الغزاة، حتى وإن كلفه الأمر حياة كل فرد فيها، لأن في الوطن العزة والعزوة أيضا، الأسرة والقبيلة والجيران الذين يتشاركون في الدين والدم وحتى في الأعراف والتقاليد، وهي من كونت وجمعت أوطانا من قبائل متعددة أصبحت مع السنين دولا ذات سيادة، كما هو حال عرب الجزيرة الذين كانوا تجمعات قبلية جلهم يسكن البادية، ظروفهم المعيشية والاجتماعية متشابهة، لذلك كان لم شتاتهم وتوحيدهم من قبل الراحل الملك عبدالعزيز، ضرورة أفضل مما لو تباينت عاداتهم وطبائعهم، وظل أبناء الجزيرة على وفائهم لأرضهم حموة من كل طامع، إلى أن أصبحت هذه البلاد قبلة الأرض ومقصدها، وسار الأبناء على نفس النهج، ولاء وفداء وبطولات تسجل لهم، سواء على الحدود أو في مواجهة الإرهاب وخلاياه التي يكشف أمرها من وقت لآخر.
جنودنا الأبطال لهم علينا حق الدعاء والإشادة بما يفعلون، ولأسرهم حق المساندة في تحمل إما مرارة الغياب أو الفقد، وهذا حال الجندي المخلص لوطنه، غياب طويل يؤدي فيه واجب الحماية وصد كل من يحاول الاعتداء أو العبث بأمن الوطن، لينعم الجميع بالأمان والاطمئنان، وهذا ما نستشعره في بلادنا بفضل الله ثم بفضل جهود أبناء الوطن في جميع قطاعاته الأمنية، والذين يواصلون الليل بالنهار حفاظا على هذه النعمة، والتي يحسدنا عليها الكثير ويحاول زعزعتها الحساد بكل السبل، لكن عون الله ويقظة جنودنا البواسل يدحران مخططاتهم في كل مرة ليبقى الوطن شامخا دائما.
ولأجل رفعته لا بد من تضحيات وسقوط شهداء من وقت لآخر، والدولة تثمن تضحيات أبنائها وتشمل أسرهم بالرعاية، لكن يبقى دورنا تجاه أسر إخواننا الذين دفعوا حياتهم ثمنا لنعيش بسلام، لهم واجب السؤال والتعاطف وعدم نسيانهم في خضم مشاغلنا الحياتية، لأن في وقوفنا معهم تخفيفاً للمصاب وجبراً للخواطر، وأن في إحياء ذكرى الأبطال في المناسبات الوطنية تخليداً لبطولاتهم، وتعريف الأجيال الصاعدة بما فعله الآباء من تضحيات لأجل بقاء الأوطان حرة، بعيدة عن حيل الطامعين وعدائهم المستديم لوطن من جنباته انبثق النور ليغمر العالم بأسره.