ظننت أن مشاهد الفوضى والازدحام انتهت من مشهدنا الإداري، ولم يعد لها وجود سوى في بعض مطاراتنا الدولية، حتى شاهدت صور الفوضى المخجلة في جامعة الأميرة نورة في الرياض، أول من أمس!
الصور والفيديوهات في ظل وجود تقنيات التواصل تصل إلى الناس سريعا، وليس بوسعك أن تتصل بحكم علاقتك بأحد المحررين ليسحب الصور. اليوم لديك الملايين من الصحفيين والصحفيات، لا تملك أي سلطة تجاههم، وهو ما يعني أن الصور انتشرت واللي ما يشتري يتفرج!
قرابة 4000 طالبة، حسبما تنقل الصحف، يتكدسن بصورة غير حضارية أمام أبواب مغلقة، وقرع مستمر على أبواب زجاجية، وصراخ، فلا تعلم أين مديرة الجامعة، وأين مسؤولاتها، وأين موظفاتها؟ صمت القبور!
الجامعة التي تحتضن قرابة آلاف الموظفات والإداريات عاجزة عن تنظيم عملها، والتواصل مع المجتمع الخارجي، وإحقاق الحق، ومنحه أصحابه تحت الضوء.
لماذا لا تكشف الجامعة الآلية الصحيحة للقبول، والإجراءات السليمة، وتعد المجتمع بالكشف عن أسماء المقبولات، وأمام كل طالبة معدلها التراكمي، والكلية التي قُبلت فيها. لماذا هذا الغموض الذي يشوه مصداقية هذه الجامعة التي ولدت عملاقة؟! أم تظن الجامعة أن تغريدة عابرة في الوقت الضائع، ستحتوي الموقف، وكل واحدة تروح بيتها؟!
خذ لديك مثلا مقاربا من التجربة الإدارية ذاتها: قبل عقدين من الزمن كان المعلمون يشككون في عدالة وزارتهم، ويتحدثون عن الواسطة التي تتلاعب بأحقيتهم في النقل -هذا واقع عشته بنفسي وكنت عليه من الشاهدين- لم يكن أحد يعرف ترتيبه في حركة النقل العام. من يمتلك الواسطة يحصل على ما يريد. تحسنت الأمور تدريجيا. قررت الوزارة الكشف عن كل شيء، وترتيب الحركة وفق الأحقية أمام الجميع، انتهت المشكلة، ولم يعد لدى الوزارة ما تخشاه!
ما الذي يمنع جامعة الأميرة نورة من الكشف عن أسماء طالباتها، وآلية وحجم القبول وأماكن القبول؟!
مبنى ضخم، تتجاوز تكلفته 20 مليار ريال، يعتبر من أهم معالم العاصمة، ويتبوأ موقعا مهما على طريق المطار الدولي، وفي النهاية لا يخرج منه سوى مقاطع تضج بالصراخ والبكاء، وصور لطالبات يتكدسن أمام البوابات بصورة مخجلة ومسيئة للبلد، تحت درجة حرارة تلامس 50 درجة مئوية، ولا تجد الجامعة حلا سوى ادعاء وجود حريق. صَدَق المثل القائل: شيء ينرقع، وشيء ما ينرقع!.