هناك معركة حامية الوطيس تحدث الآن بين جمهور الكرامات وجمهور الخزعبلات. كل منهما ينتقد الآخر ويتهكم عليه. فريق الخزعبلات يؤمن بكل فتاوى شيوخه المتنطعين، ويعطل عقله تماما عن تحليل هذه الفتاوى وتحري دقتها، بحجة أن الشيخ الذي أوردها هو محل ثقة، وهذا كاف لتصديق كل ما يقوله. وفجأة نجد هذا الفريق بدأ يستخدم عقله أمام جمهور الكرامات، ويتندر ويضحك على كرامات شيوخ الفريق الآخر، وصار يحاجج الناس بالعقل والمنطق والحكمة، وبكل الصفات التي كانت معطلة عنده، والتي لم يكن يستخدمها مع خزعبلات وفتاوى شيوخه.
أما فريق الكرامات، فهو ذلك الفريق المثقف العاقل الذي كان دائما يلجأ إلى العقل والمنطق في كل فتاوى وروايات فريق الخزعبلات، ويتهكم ويضحك ويتساءل: أين عقول هؤلاء؟، ولكن سبحان الله الدنيا دوارة، وليس لها أمان، فهذا الفريق المتزن العاقل أصبح يؤمن بكرامات شيوخه التي لا يصدقها طفل، بل ويدافع عنها ببسالة، لدرجة أنه صدق عشرات الكرامات التي حدثت لشيخ واحد! وهذا الشيخ يتباهى بها بكل بجاحة ودون حياء في خطبه وفي لقاءاته، وكأنه الولي الصالح الوحيد في هذه الحياة!
الطامة الحقيقية، أن جمهور الكرامات يبررون ورطتهم بكرامات صاحبهم بقولهم: قد تكون له أخطاؤه، ولكن هذا لا يجعلنا ننسف كل تاريخ الشيخ وعلمه!
رغم أنهم كانوا ينسفون تاريخ كل شيوخ الخزعبلات لمجرد فتوى!
جمهور الخزعبلات وجمهور الكرامات وجهان لعملة واحدة، فكلهم سلموا عقولهم، وكلهم يدافعون عن شيوخهم ببسالة. الفرق الوحيد أن شيوخ الخزعبلات أكثر تشددا من شيوخ الكرامات، ولهذا نجد من يقول: كراماته له وعلمه لنا!، فهم على استعداد أن يمرروا له هذه الكرامات التي لا يصدقها عاقل، مقابل خطابه الديني المعتدل، والسؤال: كيف أثق في علم شيخ يكذب علينا بكراماته؟.