أشعل الباحث عدنان العمري جدلا بين بعض مؤرخي الحجاز، وذلك بعد نفيه أن تكون لعبة المزمار الشعبية إحدى الموروثات الحجازية كما ورد في عدد الوطن الصادر أول من أمس، الذي رأى فيه أن ذلك يعتبر طمسا وتضليلا لهوية المنطقة، حيث نفى الباحث في التراث المكي عبدالله أبكر صحة هذا الرأي، مشيرا بأن أصل هذه اللعبة يعود إلى مكة المكرمة.
العصي والتحطيب
أشار أبكر في حديثه لـالوطن إلى أن كثيرا من الألعاب الشعبية والغنائية أساسها العاصمة المقدسة والمدينة المنورة والحجاز بصفة عامة، وقال: بحسب ما ورد في الكتب والمصادر التاريخية، فإن أصل المزمار من مكة المكرمة. وقال بالنسبة لممارسة المجتمع المكي للألعاب الشعبية، فعند تقصي الأمر يمكننا أن نجد أن الإمام أبوالوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي المكي الذي عاش في القرن الثاني للهجرة، يذكر أماكن الألعاب التي كان يمارسها أبناء قريش والزنوج بمكة. ويقول: ثبير الزنج جبل عمر حاليا، كان زنوج مكة يحيطون به ويلعبون فيه ويحتطبون منه، وهذا له دلالة واضحة، لأن الاحتطاب من هذا المكان يشير إلى أنهم كانوا يأخذون العصي، وإن لم تكن دلالة واضحة على أنهم كانوا يمارسون لعبة المزمار بالطريقة الحديثة، التي تطورت من حقبة لأخرى.
ويرى الباحث في التاريخ المكي أبكر أن ما ذكره العمري حول أن لعبة المزمار تحمل طقوسا وثنية كون ممارسيها يحيطون اللعبة بالنار غير دقيق أبدا، لأن النار في ذلك الوقت كانت لشد الطبول، أما اللعب بالعصا فأساسه اللعب بالحراب أثناء الحرب، وكانوا يؤدون ذلك بالعصا للتدرب على الرماية وإصابة الهدف. ويضيف: إرجاع أصول لعبة المزمار لأفريقيا ليس له أصل تاريخي لا من حيث الممارسة أو النقول التاريخية، وعلى الباحثين الذين يؤيدون هذا الطرح تقديم أدلة كبيرة تقنع جمهور المخالفين، وعدم البناء على الاستقراء والاستنتاجات وهذا منهج غير متكامل من ناحية المنهجية التاريخية في الاستقصاء.
اهتمام
قدم أبكر العديد من الكتب المؤرخة لجوانب عديدة مرتبطة بالتاريخ المكي، كان آخرها الصهبة والموشحات الأندلسية في مكة المكرمة عن دار كنوز المعرفة في 700 صفحة، متقصيا ظهور هذا الفن وتطوره وحضوره في المناسبات الوطنية والاجتماعية مع ذكر رجالات هذا الفن.