عندما بدأت اليابان حركة الإصلاح اعتمدت على ما يسمى بـكايزن وهو مبدأ يعالج الهدر، وهو للذكر من صميم التقاليد اليابانية.
الجميل أن سمو الأمير محمد بن سلمان قائد التحول السعودي لديه نفس الاعتقاد، وهو أن طريقنا نحو دولة الرفاه والتقدم الاقتصادي يبدأ من سد مسارب الهدر والفساد.
في الواقع أنه في تقرير صندوق النقد الدولي لسنة 2016 الذي أعد من قبل خبراء اقتصاديين ذكروا حقيقة خطيرة جداً، وهي أن بعض إجراءات النيوليبرالية التي حولت المؤسسات الحكومية إلى مؤسسات تدار بطريقة الشركات قد كلفت الحكومات إنفاقا لم يسهم بالإصلاح بقدر ما أسهم في اتساع هذا الهدر.
رغم أن المملكة لم تتقدم كثيراً في التحول نحو النيوليبرالية لكن الملاحظ أن منافع هذه الحركة قد سبقتها، فالمسؤول الحكومي يبدو كأنه رجل أعمال أكثر منه موظفا في مؤسسة خدمية، سواء في المؤتمرات الصحفية التي تقام في فنادق 5 نجوم أو الرحلات حول العالم لأسباب واهية، أو استضافة ضيوف لا تحصل الوزارة على منافع مباشرة منهم مثل الإنفاق على حج الفنانين والإعلاميين العرب، وأعني مؤسسات لا علاقة لها بالإعلام ولا يوجد مبرر لمثل هذا الإنفاق، فليست وزارة سياحة أو وزارة خارجية.
أضف إلى ذلك مظاهر الفخامة في مكاتب هؤلاء المسؤولين حتى إنك تخلط بين مكتب أحدهم وقاعات الأفراح، بل إنك ترى من باقات الورود الموضوعة في قاعات الاجتماعات ما لا تراه في باريس، ونحن بلد صحراوي فكم يكلف استيراد هذا الورد المنتهي علفا للحيوان؟
يقول دكتور سعودي يعمل في جامعة في لندن إنه التقى مسؤولا كازاخستانيا للتعاقد معه على تدريب موظفين، فاكتشف خلال الحديث أن الرجل قادم على الدرجة السياحية وهو مسؤول في دول غنية بالبترول! تعجب الدكتور فرد عليه المسؤول: هل تعلم كم توفر تذاكري السياحية من فرصة تدريب لشباب كازاخستاني؟ 
من الصعب أن نترك القدر في السعودية ليمنحنا مثل هذا المسؤول الوطني الشريف، لذا علينا أن نجعل قرار شد حزام المسؤولين في الحكومة قرار دولة لا اختيار مسؤول.