كان الحوار بين الصحافة ووزراء التحول الوطني يحتاج إلى أكثر من جلسة وإيضاح، ليفهم المواطن العادي غير المختص كيف ستنفذ المشاريع وكيف ستصرف الميزانيات
جلست أتابع كغيري من الصحفيين مخرجات ذلك المؤتمر الصحفي الذي دعي إليه رؤساء تحرير الصحف السعودية، الذين فتح معهم الوزراء المختصون الأسئلة والحوار حول تنفيذ الخطة الخمسية التي تبارى فيها كل وزير ليشرح خطته أمام الصحافة، وهذا ليس بجديد، فكم من قرارات المجالس وضعت أمام الصحافة لسنوات طويلة لكن الذي اختلف هذه المرة أن كل وزير يتحدث وفق اختصاصه ووفق بيانات وزارته ومعه ملف التحول الوطني الذي وزع على الصحفيين. فلم يعد خافيا على أحد في المنظومة السعودية حتى إنك بدأت تحفظ أرقاما كأنك ستجيب عنها يوم الامتحان، وهذا يسجل لرؤية 2030 ولصاحبها سمو الأمير محمد بن سلمان، الذي جلس مع فريق العمل طوال عام كامل أو يزيد حتى تخرج لنا (268) مليارا لمبادرات هذه الخطة وعوامل نجاحها.
الوزراء الذين جلسوا للصحفيين في الجزأين الأول والثاني كان حديثهم واضحا وشفافا، وأن كل وزارة استلمت ما يخص ميزانيتها ومبادراتها، فالإسكان والتعليم هما هاجس المواطن، والصحة أيضا ليست ببعيدة ونصيبها الذي يفوق 23 مليارا، وكأن الميزانية والدعم لهذه الأجهزة الخدمية ما زال عاليا، وليطمئن المواطن على شفافية الصرف التي أعلنت في الرؤية، وهذا ما جعل سيل الأسئلة من الصحفيين إلى الوزراء واضحا. إن ما لفت الانتباه هنا إغفال بعض مشاريع إحدى الهيئات الجديدة، وأنها لم ترد وهي هيئة الترفيه، فكان الجواب واضحا من معالي الأستاذ محمد آل الشيخ الذي قال: ليس من الإنصاف أن نتحدث عن هيئة لم يمض عليها سوى أسابيع. أن نسأل عن إنجازها أو خططها، وليس من المنطق أو العدل أن نتحدث باسم المسؤول عن هذه الخطط. وهذا يعطي مؤشرا للشفافية.
أقول فعلا كان الحوار بين الصحافة ووزراء التحول الوطني في مسار يحتاج إلى أكثر من جلسة وإيضاح، ليفهم المواطن العادي غير المختص كيف ستنفذ المشاريع، وكيف ستصرف الميزانيات، وهذا ما أشار إليه أكثر من وزير خلال الجلسة عندما كان يمسك بالملف ويقول بالصوت والصورة اقرأوا هذا الملف ففيه كل جواب عن أسئلتكم التي حضرتم من أجلها، لكن إن كان هناك غموض أو استفسار فالرؤية للتحول الوطني واضحة معالمها وأبوابها وكيفية برامجها التي وضعت أمام كل وزارة، ولعل المؤشر الأهم لما يبحث عنه المواطن قد ذكرته آنفا - التعليم- الإسكان- الصحة، وهذا قد بانت ملامحه، ودعوني أتحدث عن قراءاتي للإسكان والتركيز في التحول الجديد على محاور عدة أبرزها ما نسميه إستراتيجية الإسكان التي تضمنت ثلاث إستراتيجيات مرتبطة بأهداف رؤية السعودية 2030.
وقد شملت هذه الإستراتيجية تحسين أداء القطاع الخاص العقاري ورفع مساهمته في الناتج المحلي، وتحفيز المعروض العقاري ورفع الإنتاجية لتوفير منتجات سكنية السعر والجودة المناسبة، إضافة إلى تمكين المواطنين من الحصول على تمويل سكني مناسب، وهذه النقطة هي التي ينظر إليها المواطن، ومتى تتحقق وهل هناك قرض عقاري سيصرف ومتى تحل قوائم الانتظار، وكم نحتاج من السنوات إلى تحقيق هذه الإستراتيجيات الثلاث.
هذا ما يحتاج المواطن معه إلى الشفافية وإلى تحديد مواعيد البدء والصرف والبناء، وما يجري على الإسكان يجري على الصحة كذلك، إذ ينتظر المواطن أيضا موقفا واضحا من الصحة ومشاريعها وتوفير السرير المناسب والتأمين الصحي، ولقد خصصت هنا الإسكان والصحة والتعليم لأن هذه الملفات مهمة وتعانيها دول كثيرة في العالم، والنجاح حينما يتحقق لأي خطة بالتأكيد سيكون الحكم من خلال الصحة والتعليم والإسكان ليس أكثر.