أظن أنه لو أنشئت وزارة لحجب الدعم السكني أو تعقيد وصوله إلى مستحقيه، فلن تنجح في مهمتها بقدر ما تقوم به وزارة الإسكان حاليا!
فالشروط التعجيزية التي أحدثتها الوزارة أخيرا ضمن تعديلاتها على اللائحة التنفيذية لتنظيم الدعم السكني، لا تعقد حصول المواطن على قرضه فحسب، بل تتجاوزه إلى حرمان الغالبية منه!
إذ تحدد الفقرتين (أ) و(ب) في المادة الـ44 من اللائحة التنفيذية، القسط الشهري بنسبة 33% من دخل المتقدم وأفراد أسرته المدرجين في الطلب، مع مراعاة ألا تزيد مدة سداد القسط عن 25 عاما من بداية تاريخ الاستحقاق، وألا يتجاوز عمر المتقدم 65 عاما بنهاية مدة السداد.
وهذا يعني حرمان من هم فوق 40 عاما من الدعم السكني، إلا في حالة إحضار كفيل غارم تقبله الوزارة يضمن سداد الأقساط المالية كما في الفقرة (ج) من المادة ذاتها، وبذلك ينقسم الشعب إلى قسمين: مقترض، وكفيل له!
لا أحد ينكر حق وزارة الإسكان في تحصيل مستحقاتها، لكن لا يكون ذلك بإقحام مواطن آخر في دوامة القرض عبر اشتراطه كفيلا غارما، خصوصا أن المسكن مرهون لوزارة الإسكان حتى سداد القرض.
تقول الأرقام إن 90% من المواطنين مقترضون من البنوك، ويدفعون ما نسبته 33% قسطا شهريا لها، كما أن عددا ليس بالقليل يدفع 33% أخرى من رواتبهم قسطا لسيارة أو نحوه، والآن وزارة الإسكان تعتزم استقطاع 33% من دخل المقترض، وبذلك لم يتبق من كعكة الراتب سوى 1% فقط!
أيضا، كلنا يعلم أن قيمة القرض السكني الحالية لا تكفي لبناء مسكن، ومع هذا حددت الوزارة في المادة الـ25 من لائحة الدعم السكني مبلغ القرض وفقا لقدرة المواطن المالية، وهو ما يعني أن أصحاب الدخول المنخفضة لن يتمكنوا من الحصول على قروضهم كاملة، رغم أن الأمر الملكي حدد قيمة القرض السكني بـ500 ألف ريال.
مشكلة بعض القائمين على وزارة الإسكان أنهم جاؤوا من بيئة شركات تطوير عقاري، وجلبوا معهم فكرا رأسماليا فأدخلوا تعديلات تستهدف فئة المقتدرين ماليا، أما ذوو الدخل المحدود الذين هم في الأساس هدف الدعم الحكومي، فليس أمامهم سوى تجديد عقد الإيجار!
اليوم وبعد مرور 5 سنوات على إنشاء وزارة الإسكان، أصبحت لدي قناعة أن أنظمتها الحالية هي من يحول دون حصول المواطن على المسكن، وربما كان الأفضل العودة إلى نظام الصندوق العقاري، إذ كان يقدم القروض السكنية بلا فلسفة زايدة!