الاهتمام يتزايد يوماً بعد الآخر بآثارنا متطلعين إلى أن تدخل آثارنا إلى محفظتنا المالية لتكون أحد مصادر دخلنا الوطني
تعتد الأمم وتفتخر بعمقها الحضاري والتاريخي، وتجعل كثير من الدول معالم ومواقع الآثار أحد مصادر دخلها الرئيسة أو مصدر دخلها الأبرز، ولنا في إسبانيا وفرنسا واليونان قدوة ومثال، بل إن الآثار التاريخية صارت أيقونة وعلامة لبعض الدول تعرف بها.
ولا شك أن الاعتداد بالآثار وبالقيمة التاريخية لها يترك أثره البارز في تعزيز الهوية الوطنية بما يجعله مصدر فخر واعتزاز للمواطنين، هذا إلى جانب الأثر الاقتصادي على الدخل الوطني من خلال فتح أبواب السياحة للأفواج الزائرة، وما يتركه الاهتمام كذلك من توليد صناعات محلية مصغرة تجسد الآثار وبيعها كهدايا يحملها السياح من باب الذكريات، إضافة إلى ما يوفره الاهتمام بالآثار والتراث من وظائف للمرشدين السياحيين، كما يسهم الاهتمام بسياحة الآثار في دفع وتنشيط وسائل النقل من وإلى مواقع الآثار، والحال كذلك مع كثير من المكتسبات غير المنظورة، والمملكة العربية السعودية تتوفر على آثار ضاربة في القدم والعراقة، وتتوزع في أكثر من مدينة ومنطقة، وإذا كانت التحوطات الدينية في فترة ما قد أسهمت في طمر الاهتمام والعناية بهذه الأصول والثروات الحضارية، فإنه قد أمكن ولله الحمد إزالة تلك التحوطات، وقد أسهمت هيئة السياحة في هذا التحول بجهد جبار انعكس في الاهتمام الذي يتزايد يوماً بعد الآخر بآثارنا متطلعين إلى أن تدخل آثارنا إلى محفظتنا المالية لتكون أحد مصادر دخلنا الوطني، ونؤمل أن يتعرف السائح السعودي - نعم السائح السعودي - على آثار بلاده قبل السائح الوافد لأن المفارقة المحزنة أن السائح السعودي يجوب مواقع الدنيا ويعرف حضاراتها ولا يعرف القليل عن آثار بلاده.
ومثلما يجب تعزيز القيمة التاريخية لآثار المملكة في نفوس أهلها من المواطنين فإنه يحسن كذلك ربطهم بتراثهم العمراني القريب، وذلك لتثمين التحولات المدنية التي حدثت في المملكة خلال سنوات الطفرة، وقد بدأ الاهتمام بهذا الجانب من خلال ترميم بعض المواقع الطينية القديمة وإحيائها ببعض المناشط في بعض المواسم، وقد تطور هذا الاهتمام من خلال بعض الجهود الفردية لأهالي تلك المدن كما هو الحال مع القرية التراثية في أوشيقر وشقراء، وكما يحدث من فعاليات شعبية في عنيزة والأحساء، وكما حدث أخيراً في حي البجيري في الدرعية، وكذلك في جدة التاريخية.
أيضاً لدينا مهرجان الجنادرية وما تحظى به قرية الجنادرية من إقبال عظيم، ونفس الشيء مهرجان سوق عكاظ.
الخلاصة أننا مع كل هذا الجهد فإننا مازلنا نخطو أولى درجات السلم في الاستثمار الاقتصادي لموجوداتنا التراثية والتاريخية.