يقول جورج تيميليس: هناك بكل تأكيد تعارض بل قطيعة بين النزعة الجماعية والإبداع الشعري، فالإبداع فعل فردي خارج وضد سلطة واو الجماعة، إن صوت الشعر لا ينصت إليه غير عدد من الأشخاص، ويقول بول أيلويار: أنصتوا إليّ أنا أتكلم من أجل ذلك النزر الصامت.. النزر الأفضل نظمت مؤخرا مجلة caracteres الفرنسية وهي مجلة دولية للشعر استفتاء مهما شمل عددا من أبرز الشاعرات والشعراء المعاصرين يتعلق بآفاق وحدود الممارسة الشعرية وارتباطاتها المعقدة بالمجتمع، وبالمؤسسات الرسمية وبالحقلين السياسي والإيديولوجي وببعض التيارات الفنية والفكرية والعوائق الذاتية والموضوعية، التي تحدق بالشعر وبالحلول الممكنة لاستمراره.
وقد قام الناقد والمترجم المغربي الدكتور رشيد بنحدو بترجمة ذلك الاستفتاء الذي تبين له من خلال إجابات الشاعرات والشعراء عدم اتفاقهم حول موقع الشعر والشاعر في المجتمعات المعاصرة، فأحد المواقف يقر بألا مكان للشاعر اليوم في هذه المجتمعات، فلا أحد يثق بكلامه، إنه كائن طفيلي يعيش في الأوهام وبالأوهام ومن أجل الأوهام، ما يجعله عالة على المجتمع، ولذلك فموقعه هو الهامش وشعره لا ضرورة له، إنه كائن مختل ذو هلوسات غريبة تفصله عن الواقع المحسوس، أما الموقف الآخر ومن باب الشعور بالكرامة وعزة النفس للشعراء فقد دفعتهم هذه المواقف لرفضهم لمجتمعاتهم، معتبرين أن مجتمعهم الحقيقي والوحيد هو قراؤهم، مع قناعتهم أن الشاعر لا يمكن الاستغناء عنه، لأن الإنسان المعاصر من غير الشعر لا يستطيع أن يعثر على حقيقته، فهو يقول مستقبل البشرية وتأثيره فيما لا يُرى بعد، أي فيما سيأتي فهو يحدس الأشياء قبل حينونتها، وبقوة استكناهية تسبر بواطن الأشياء لا ظواهرها، طرحت المجلة عشرة أسئلة حول الشعر المعاصر في العالم، وما يكتنفه من تحديات حقيقية وما آلت إليه مقروئية الشعر والاعتراف بوجود أزمة ثقة مزمنة بين الشاعر وجمهور القراء كما يشير لها الدكتور بنحدو، وقد جاءت أسئلة الاستفتاء كالتالي:
ما هو في اعتقادكم موقع الشاعر في المجتمع؟ وما هي واجبات المجتمع نحو الشعر؟ بما أن الإبداع الشعري فعل فردي فماذا ينبغي أن يكون موقف الشاعر من النزعة الجماعية الحديثة، التي تعتبر الإنتاج المادي والرمزي ممارسة جماعية يشارك فيها أعضاء المجتمع كافة؟ هل ينبغي للشعر أن يكون في خدمة السياسية أم مستقلا عنها؟ هل يبحث الشاعر عن جواب للغز الوجود؟ ماذا تقترحون للتخفيف من أزمة الثقة المستفحلة اليوم بين الشاعر والقارئ؟ ما رأيكم في أهمية اسم الناشر الذي أصبح في حياتنا الأدبية يكتسي بشكل مزعج أهمية تفوق أهمية اسم المؤلف؟ هل يجب على الشعر أن يدمر اللغة المبنية؟ هل ينبغي للشعر أن يحاول توسيع الإمكانات الروحية للغة؟ هل تعتقدون أن السوريالية أكبر حركة شعرية في القرن العشرين؟ وما موقفكم منها؟