لست بصدد ركوب الموجة والحديث المادح عن رؤية السعودية 2030، وتمجيد الأوراق والمخططات وما كتب عليها، قبل أن تتحول إلى واقع ملموس، إنما أكثر ما جذبني للتفكر هو رد فعل المجتمع السعودي في اللحظة التي أعلنت فيها تلك الرؤية.
مما لا شك فيه، أن جميع من اطلع على الرؤية، واستمع إلى حديث سمو ولي ولي العهد، قد قذف جلّ ما يتكئ عليه من آمال فوق تلك الصفحات التي حملت الرؤية السعودية.
وهناك جانب آخر من ردة الفعل، يتمثل في حالة الشد والجذب لطموح المواطنين، والتي تتبناها التيارات المندسة تحت أطراف مظلة الوطنية، فكل تيار يرى أن هذه الرؤية قد جاءت مكملة لرؤياه ومطالبه، وتحقيقها لن يكون إلا على حساب تحطيم التيارات الأخرى! ومن هذا المنطلق اشتعلت وتيرة الحراك الفكري، وأصبحت تلك الرؤية كعكة تتسابق إليها أيادي جوعى الوطنية.
سبق أن كتبت أن المجتمعات التي لا تحوي أي خلاف عبارة عن قطعان غير مفكرة، فالاختلاف سلوك إيجابي منتج وصحي إلا إذا كان سببا في تعطيل عجلة الإصلاح والتجديد، هنا يصبح الاختلاف خيطا معرقلا في بداية مسيرة التحسين ولا بد من قطعه.
إلى كل من تسول له نفسه أن يكون عثرة في طريق الوطن: لم ولن تحمل تلك الرؤى في طيّاتها سوى مصلحة المواطن؛ المواطن فقط بلا تيار ولا مذهبية ولا طبقية، ولن يكون طموحنا سلاحا في يد جماعة ضد الأخرى، ولن تكون أمانينا تبعا لمصالحكم، وما تتسترون به من ثياب الوطنية الزائفة، ستكشف سوءته انتماءاتكم البغيضة.
قبل انتهاء مساحتي أتمنى قيام حملة مشابهة لـبصمة وطن يعبر فيها المواطنون عن دعمهم هذه الرؤية، ووقوفهم إلى جانب العاملين عليها، وكسر إرادة المعرقلين لمسيرة التطوير.
ومن المواطن -كاتب هذه الأسطر- 2030 كيلوجرام تفاؤل بهذه الرؤية إلى ذلك اليوم الذي أتمنى أن تصبح فيه حبر أوراقها منشآت مرئية ووظائف، ووطنا جديدا.