ربما كان مجلس مدينة خميس مشيط البلدي أول مجلس بلدي في عموم المدن السعودية .

ربما كان مجلس مدينة خميس مشيط البلدي أول مجلس بلدي في عموم المدن السعودية يضيف لمدينته ما يقارب نصف مساحة المدينة الحالية. اثنان وسبعون مليون متر مربع، والشكر الذي تعجز العبارة عن حمله لأصحاب المكرمة: لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي العهد وزير الدفاع الذي وافق على تنازل الوزارة عن هذه المساحة الهائلة بعيد انتفاء الحاجة، ولسمو أمير المنطقة الذي وقف بجهده وثقله ومنصبه وراء كل التفاصيل حتى أودع هذه الأرض الشاسعة في حوزة بلدية المدينة. شكراً للمجلس البلدي الذي ابتدأ الفكرة ولو لم يكن له من الإنجاز إلا ذاك لكفى وسيغادر المجلس بالتأكيد وقد وضع بصمته على لوحة هائلة اسمها – خميس مشيط الجديدة.
ولكن ماذا بعد: تشير الآلة الحاسبة بين يدي إلى أن هذه المساحة من المكرمة الملكية العليا تكفي وحدها لبناء 80 ألف منزل بحساب 600 متر مربع لقطعة الأرض الواحدة مع افتراض أن ثلث هذه المساحة سيخصص للشوارع وخدمات المخططات العمومية. ولكن ماذا بعد: من ذا الذي سيضمن قطعة – الجبن – الهائلة من أسنان القطط السمينة؟ من هو الذي سيوقف – محدثي – الأراضي من الهجوم إلى الأطراف وحتى القلب؟ ومن هو الذي سيقطع تلك الأصابع من نهايات الكف إن لم يكفوا عن الجشع؟ لن يجادل أحد عن دفاعي عن ابن المنطقة أو حقوقها، ومع هذا سأقول بالحرف الصريح: إن بعض هوامير الجشع هم أعداء التنمية، وتشهد بهذا أراضي الجامعة والمدينة الطبية التي تنام قفراً خالياً وتصبح ضحية – الإحداث – كأمر واقع. من هو الذي سيوقف هوامير المخططات ومحترفي استخراج الصكوك عن قضم هذه الجبنة المغرية التي لم تأت ولن تتكرر من قبل أو من بعد في تاريخ هذه المدينة؟ من هو الذي سيضمن ألا تتحول زبدة – الجبنة – إلى منح للقادرين والوجهاء على شوارعها الرئيسة؟ ومن هو الذي سيضمن لنا ـ على الأقل ـ أن توزع هذه الجبنة بالعدالة على آلاف الشباب الذين يحلمون برائحة الجبن وعلى آلاف الفقراء الذين عاشوا العمر كله ولم يعرفوا رائحة الزبدة؟ من هو الذي سيضمن تخصيص جزء من هذه الملايين المربعة للمشاريع الحكومية الكبرى ولمشاريع هيئة الإسكان؟ ومن هو الذي سيضمن لنا ألا تتحول هذه الأحلام الكبرى إلى – سمسرة – في مكاتب العقار الخاصة؟ هذه هي الفرصة أمام صاحب كل ضمير كي تكون العدالة هي الفيصل. ولكن: قريباً قد نعرف أين ذهبت هذه الجبنة.