أكدت مجلة فورين بوليسي الأميركية وجود مخاوف عراقية من أن تؤدي عملية تحرير الفلوجة التي سبقتها موجة تفجيرات في بغداد، إلى سقوط العاصمة في فوضى الطائفية وسيطرة الميليشيات الموالية لإيران، مشيرة إلى أن ذلك يشغل صانعي القرار العراقيين في الوقت الحالي. ومن خلال الأرقام تقول المجلة إن تنظيم داعش قتل 522 عراقيا في بغداد خلال الشهر الماضي، جميعهم تقريبا من المدنيين، وذلك من خلال اتباع أسلوب التفجيرات الانتحارية، مستشهدة في ذلك بما ذكره موقع Iraq Body Count المعني بتسجيل أعداد القتلى في العراق، بأن متوسط عدد الأشخاص الذين قتلوا شهريا في الثلث الأول من 2016 وصل إلى 1.081 شخص، أي أن العدد النهائي لمحصلة القتلى في مايو قد يكون الأعلى منذ أن بدأ داعش هجومه في صيف 2014.
ولفتت المجلة إلى أن هناك نقطتين أساسيتين يمكن الإشارة إليهما حول موجة العنف الحالية، الأولى تتعلق بتضاعف الأزمة، حيث شهد عام 2012، وقوع موجة تفجيرات كل شهرين، لكن بحلول 2013، كانت الموجات تحدث كل ثمانية أيام. خلال تلك الفترة، ارتفع عدد تفجيرات داعش في بغداد بسرعة من حوالي 20 إلى 50 شهريا.
تزايد عمليات الإرهاب
أضافت المجلة بحلول صيف 2013، شهدت معظم الأيام، ثلاثة تفجيرات كبيرة أو أكثر في بغداد، فيما لم يتم حل هذه الأزمة مطلقا، ولم تخمد إلا بعد أن سيطر داعش على الفلوجة والموصل ومعظم مناطق شمال العراق. وقالت إن بداية الهجوم لاستعادة الفلوجة يشير إلى أن داعش سيخسر مساحة جديدة من الأراضي، ولكن هذا الهجوم سيقابله التنظيم باللجوء إلى المزيد من أساليبه الإرهابية.
وتشير المجلة إلى أن بغداد تختلف عما كانت عليه في 2013، وأن مواطني العاصمة، رغم احتجاجهم على فساد الحكم وسوء الخدمات، إلا أنهم اعتادوا أكثر على الأمن، ويريدون الحفاظ عليه. ولكن في نفس الوقت، فإن الميليشيات الإيرانية تحاول أن تستولي على مهام أمن العاصمة بدلا من القوى الأمنية الحكومية، لكن مثل هذا التطور قد يؤدي إلى مشاكل جديدة، من بينها تأخر تحرير الموصل.
صعوبة تأمين العاصمة
وحول أسباب صعوبة تأمين بغداد، قالت المجلة إن العاصمة تمتد على مساحة 150 ميلا مربعا تقريبا، وتقع وسط شبكة خطوط نقل سريعة للشاحنات، تحضر عربات يمكن أن تكون محملة بالمتفجرات التي تستهدف المناطق الشيعية. وأضافت أن المشكلة الأساسية تأتي من المناطق الريفية المحيطة بالعاصمة، التي يطلق عليها التحالف اسم أحزمة بغداد، إذ إن داعش يشن حملات التفجير في بغداد انطلاقا منها، مشيرة إلى أن القوات الأمنية تعمل بشكل بدائي في الأحزمة، حيث تقوم بحراسة القواعد الثابتة أو تقوم بعمليات تفتيش كبيرة يتجنبها داعش بسهولة. كما أن نقاط التفتيش المنتشرة لا توفر الكثير من الحماية، لأن الجنود يسمحون غالبا للسيارات بالعبور دون تفتيش.
سلطة الميليشيات
دفعت وحشية حملة التفجيرات الأخيرة لتنظيم داعش البعض للتفكير في حلول متطرفة، مثل السماح للميليشيات الشيعية بقيادة المهام الأمنية. لكن المضايقات التي تقوم بها هذه الميليشيات قد تؤدي لنزوح المزيد من سكان الأحياء السنية. ومع أن البعض قد يصور هذا الحل على أنه جيد إلا أنه يعتبر طريقة سريعة لتحويل بغداد إلى حكم الميليشيات. وتختتم المجلة بالقول إن أفضل دفاع لبغداد هو الهجوم الجيد. وأن العمليات الخاصة، والاستخبارات، والتفكير الذكي، والتكنولوجيا يمكن أن تقلص بشكل كبير الخطر على بغداد، وتبقي عملية تحرير الموصل قائمة في مسارها الصحيح. هذه يجب أن تكون أولوية للعراق وشركائه في قوات التحالف. فما قيمة تحرير الموصل إذا خسرنا بغداد في هذه العملية؟