أشار محللون سياسيون في اليمن إلى أن تصريحات قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، التي أطلقها أمس، تمثل رسالة تحريض مستترة لجماعة الحوثيين الانقلابية وحليفهم المخلوع، علي عبدالله صالح، ودعوة لإطالة أمد الأزمة، وإبداء قدر إضافي من التشدد في مفاوضات السلام التي استؤنفت أول من أمس في الكويت. وأضافوا أن مسؤولين إيرانيين دأبوا على توجيه رسائل غير مباشرة لقيادات الانقلاب، لا سيما في أوقات انطلاق مفاوضات السلام، سواء في جنيف أو بيال أو الكويت أخيرا، وأن تلك الرسائل كانت ترمي إلى حث الانقلابيين على عرقلة مفاوضات السلام، والعمل على نسفها، والاستمرار في التعنت. وكان سليماني قال أول من أمس إن نتائج الحرب في اليمن كرست وأثبتت قدرة الحوثيين على نحو لا يمكن تجاهله.
الوعود الكاذبة
يشير القيادي في المقاومة الشعبية بإقليم آزال، عبده الصنعاني، إلى أن المسؤولين الإيرانيين يركزون على استمرار الأزمة في اليمن، لاستخدامه كورقة سياسية، غير مبالين بما تتركه على المواطنين من آثار سلبية، وأضاف في تصريحات إلى الوطن عندما انطلقت مفاوضات السلام في جنيف للمرة الأولى، سارع قادة طهران إلى إطلاق تصريحات سلبية، أشادوا فيها بجماعة الحوثيين الانقلابية، وألمحوا إلى عزمهم تقديم الدعم لهم، وهذه رسالة مبطنة يفهم منها الدعوة إلى عدم التعاطي بإيجابية مع الجهود الرامية إلى إيجاد حلول للأزمة، وهو ما حدث بالفعل، حيث مارس المتمردون قدرا أكبر من التعنت بعد تلك التصريحات، وتعمدوا إفشال الجهود الأممية، سعيا وراء الحصول على المساعدات الإيرانية التي لم تصل حتى تاريخه، ولن تصل مطلقا.
وتابع المؤسف أن قادة الجماعة الحوثية الذين يعانون غباء سياسيا شديدا، وقعوا في هذا الفخ الإيراني أكثر من مرة، طمعا في وصول المدد الإيراني، رغم أن طهران التي استدرجتهم لاجتياح صنعاء لم تقدم لهم حتى تاريخه أي دعم، واكتفت بالوقوف في موقف المتفرج.
شفرة وإشارات
يؤكد المحلل السياسي، ناصر الحاشدي، أن طهران ترسل إشارات متفق عليها مع جماعة الحوثيين، بما يتوجب فعله، وترتيب الأولويات، وأضاف في مفاوضات بيال السابقة كان هناك مستشارون إيرانيون يقدمون النصح لوفد الجماعة الانقلابية، وكان هناك تواصل مباشر ومستمر بين الجانبين. وكان وفد الحوثيين يرسل أحد عناصره بين فترة وأخرى للقاء المستشارين الذين كانوا يرابطون أمام مقر المفاوضات، بحيث يطلعونهم على المستجدات ويطلبون رأيهم في ما ينبغي عمله. ولكن في مفاوضات الكويت لم تتمكن طهران من تكرار نفس الأمر، بسبب تشدد الحكومة الكويتية في منع وجود أي طرف ثالث في محيط مقر المفاوضات. لذلك لم تجد طهران غير اللجوء لوسيلتها السابقة بإرسال الإشارات التي يراد منها دفع الانقلابيين إلى إفشال جولة المفاوضات. واختتم تصريحه بالقول العجيب أن الجماعة الحوثية ما زالت تمني نفسها بالحصول على دعم إيراني يمكِّنها من مواصلة الانقلاب، وكأنها لم تدرك بعد من الانتظار المتواصل طيلة الأشهر الماضية أن طهران تكتفي بالأقوال دون الأفعال.