لا تشمل إحصائية البطالة المشترطين والـ3.8 ملايين ربة منزل، ولو تم الاعتراف بالجامعيات اللاتي أُجبرن على البقاء في منازلهن لارتفعت نسبة البطالة أضعافا مضاعفة، ولو استثنينا 'السعودة الوهمية' -نصف مليون شخص- لارتفعت البطالة إلى 21 %
يعتبر مؤشر البطالة بالمملكة 11.6 % مرتفعا جدا حتى إن الدول تسمي هذا الارتفاع double digit أي ثنائي الخانات، أما البطالة النسائية التي وصلت إلى 32,8 % فهي الأعلى عالميا حسب تقرير صندوق النقد الدولي.
يجب أن نتنبه إلى أن هاتين النسبتين من البطالة (العامة والنسائية) لمن اعترفت بهم الجهات المعنية على أنهم جادين بالبحث ولم يجدوا عملا؛ ليعلم الجميع أن هذه البطالة لا تشمل الذين لا يرغبون في العمل ولا تشمل المشترطين ولا تشمل الـ3.8 ملايين ربة منزل، جميع هؤلاء يصنفون خارج سوق العمل، وليسوا بطالة.
لو تم الاعتراف ببعض من هؤلاء كـطالبي العمل خصوصا الجامعيات اللاتي أُجبرن على البقاء في منازلهن لارتفعت نسبة البطالة أضعافا مضاعفة، ولو استثنينا السعودة الوهمية التي تقدر بنصف مليون شخص لارتفعت نسب البطالة إلى 21 %.
أشارت الهيئة العامة للإحصاء في تقريرها الأخير إلى أن عدد السعوديين ممن (أعمارهم 15 وما فوق) وصل إلى 13.8 مليونا، منهم 8.2 ملايين خارج سوق العمل، والجزء الآخر 5.6 ملايين داخل سوق العمل، وهم منقسمون إلى 4.9 ملايين مشتغلون، و 646 ألفا متعطلون، فنسبة البطالة هي حاصل قسمة 646 ألف على 5.6 ملايين، والتي تصل إلى 11.6 %.
طبعا إحصائية المشتغلين تشمل السعودة الوهمية وهذا حسّن من نسبة البطالة كثيرا، ومع ذلك فهي غير واقعية، ولغياب الشفافية في تفاصيلها لم نستطع إيجاد ثغرات إلا ثغرة واحدة وهي أن إحدى تصانيف المشتغلين ذكرت أن من يعمل في قطاع التعليم يصل إلى 1.2 مليون شخص، وهذا يتعارض مع تقارير وزارة التعليم ووزارة الخدمة المدنية التي نتابعها سنويا ودائما تذكر أن عدد العاملين بقطاع التعليم يصل إلى 600 ألف! فهل من المعقول أن تكون المدارس ومعاهد التدريب في القطاع الخاص بها الـ600 ألف المفقودة؟ هم أصلا لا يستوفون شروط السعودة ناهيك عن الفرق في عدد المدارس والجامعات.
المشكلة تتمحور في: (1) حجم البطالة الضخم حسب ما ذكرت التقارير الرسمية، (2) احتساب السعودة الوهمية برفع عدد المشتغلين وبالتالي خفض نسبة البطالة (3) نحو مليون سعودي في القطاع الخاص رواتبهم 3500 ريال وما دون (4) نحو 3,8 ملايين سيدة أجبرن على البقاء في منازلهن لعدم توفر وظائف ملائمة. هل هذه كل المشكلة؟
هناك مؤشران آخران للبطالة وهما أسوأ مما ذكرنا سابقا!
نسبة المشتغلين إلى السكان في السعودية 25 % أما في الولايات المتحدة (مثلاً) 33 %، وهذا يعني أن كل شخص في أميركا يعمل ويعول اثنين (زوجة وطفلاً) بهذه النسبة، أما في المملكة فيكون كل شخص يعمل يعول 3 أشخاص (زوجة وطفلين)، وبالتأكيد هذا عبء مالي على الزوج والأب. ناهيك عن (صافي) متوسط الأجور المتدني في المملكة. وهكذا في كثير من الدول. ولكن يجب أن ننتبه إلى أن الولايات المتحدة تحسب فقط الموظف المتفرغ (ويعمل 8 ساعات باليوم)، أما السعودية فمتى ما عمل الشخص ساعة بالأسبوع يحسب ضمن هذه الإحصائيات.
هناك مؤشر آخر مهم جداً وهو نسبة المشتغلين إلى السكان 15-64 سنة، والتي تصل في المملكة إلى 42 %، ولكنها في الصين 75 % وفي الهند 53 %، وهاتان الدولتان عدد سكانهما 2.6 مليار نسمة ويعيش سكانهما في الغالب ظروفا وظيفية صعبة، ومع ذلك مؤشراتهم أفضل منا. وكذلك الحال في الولايات المتحدة، نسبة المشتغلون إلى السكان 15 - 64 سنة هي 59 %، وفي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD النسبة 65 %، دول الاتحاد الأوربي 65 %، روسيا 69 %، أستراليا 62 %، نيوزيلاندا 72 %، كندا 72 %، المملكة المتحدة 71 %، وأكثر من 60% في بقية الدول الأوروبية. أما النسبة في تركيا 49 %، المكسيك 61 %، كوريا 64 %، تشيلي 62 %، ماليزيا 58 %، تايلند 72%، باكستان 52 %، الفلبين 61 %. أما النسبة في اليونان فهي 51 % وإسبانيا 56 % مع أن هاتين الدولتين تعانيان من نسبة بطالة مرتفعة أرّقت الاتحاد الأوروبي.