في الآونة الأخيرة وبحكم الظروف التي تعيشها المملكة داخليا وخارجيا، ظهر لنا صوت قوي يحاول أن يقمع ويصادر كل أفكارك وآراءك باسم الوطنية. خذ هذا المثال: قبل أسبوع طرحت استفتاء في تويتر هل تتحدث في منزلك ومع أهلك بنفس اللهجة التي تتحدث بها مع الآخرين؟ شارك في الاستفتاء أكثر من 1200 شخص وكانت النتيجة متقاربة: 51 % يتحدثون بلهجة مختلفة و49 % يتحدثون بنفس اللهجة، ثم تحولت كثير من التعليقات لذكر مواقف طريفة بسبب اختلاف اللهجات بين بعض المناطق. حتى تدخل مدعي الوطنية وانهالت الاتهامات بأننا وطن واحد ومثل هذه المواضيع هدفها تفريق وحدتنا!
أحد الأصدقاء ذكر معلقا على الموضوع: أن لهجته (الزلفاوية) تظهر حتى في إنجليزيته من باب الدعابة، فرد عليه أحد مدعي الوطنية: هذه إقليمية بغيضة لا تجتمع في الكتّاب والمثقفين إلا أخربت كل شيء.
بعضهم يعتقد أن الوطنية هي أن نكون نسخا متطابقة في كل شيء، حتى في لهجاتنا وأفكارنا وعاداتنا، وبمجرد أن تختلف معه يشكك في وطنيتك ويكرر أسطواناته المشروخة كتفكيك اللحمة الوطنية، إثارة الفتن، الإخلال بمكونات المجتمع، تفريق الصفوف...إلخ.
أصبحت هذه العبارات تتكرر في كل مرة تطرح رأيا أو فكرة مختلفة!
وما زلت أجهل ما علاقة ذلك بوطنيتي؟ حتى في أبسط الأمور كالحديث عن اختلاف اللهجات أو الحديث عن إحدى مناطق وطننا الكبير الذي يتميز بتنوع الثقافات والعادات والتقاليد من منطقة لأخرى!
حتى لو قلت نكتة قد يرد عليك أحدهم: جنودنا البواسل يحاربون في الجبهات وأنت قاعد تنكت!! يشعرك بأنه رد عليك وهو يقود طائرة F-15 وفي مهمة خاصة!!
كل هذا ليشكك بوطنيتك!
الذي يصادر رأيك بحجة اللحمة الوطنية في أمور بسيطة مثل من يستعدي عليك السلطة لمجرد أن رأيك مختلف عن رأيه، وكلها تحت غلاف جذاب وجميل باسم الوطنية. والأهم من ذلك أن يقدم نفسه أمام الناس كشخص وطني أكثر من مخالفيه!