سجل شهر مارس حادثة تدعم التوجه العالمي استخباراتيا للتعجيل بالإجهاز على التنظيم، إذ تم الحصول على آلاف الوثائق التي تكشف معلومات شخصية عن 22 ألف مسلح داعشي، تم تسريبها عن طريق منشق عن التنظيم
شهد شهر مارس 2016 ممارسات نارية على مستوى العالم، لدحر تنظيم داعش بعدما حدث في بروكسل الجريحة، وما قد يتبع هذه العملية من عمليات في مناطق أخرى من العالم، هي عبارة عن حالة من النزع الأخير في جسد التنظيم الدموي.
ابتدأ مارس بمناورة رعد الشمال في حفر الباطن على شكل هبّة عسكرية جمعت عشرات الألوف من مختلف القطاعات العسكرية للدول المشاركة، وقبل نهاية الشهر نفسه أعلن العميد ركن أحمد عسيري ارتفاع عدد الدول الإسلامية المتحالفة لمحاربة الإرهاب لتصل إلى 40 دولة.
تحرير تدمر من قبضة داعش هو الآخر صفعة قوية في وجه التنظيم، إذ تشير الوقائع إلى أن العملية المهمة كانت بفضل التعاون الروسي، حسب اعتراف بشار الأسد نفسه في المكالمة التي جرت مع بوتين بعد تحرير المدينة مباشرة.
هذا التحرير لم يكن لولا الدعم الروسي الكبير خلال الرصد الدقيق لمواقع مقاتلي التنظيم، وتحديد إحداثيات مواقع القصف، والأهم من هذا كله هو القدرات الروسية في التشويش الفضائي على منظومة اتصالات العدو، والذي يُعد هو الحاسم في معارك اليوم أكثر من قضية الحشود العسكرية.
وشاهد العالم، في شهر مارس أيضا، ضربات عنيفة شنتها قوات التحالف داخل الموصل -معقل التنظيم الإرهابي في العراق- تم على إثرها مقتل مسؤول تجنيد الانتحاريين محمد خلف الساطوري، وعدد من مرافقيه في الموصل نفسها، والتي يتهيأ الجيش العراقي لتحريرها بحسب الناطق للإعلام الحربي العراقي، خاصة بعد نجاح تحرير الرمادي الشهر قبل الفارط.
وسجل شهر مارس النكبة على التنظيم حادثة نوعية غير عسكرية تدعم التوجه العالمي استخباراتيا للتعجيل بالإجهاز على التنظيم، إذ تم الحصول على آلاف الوثائق التي تكشف معلومات شخصية عن 22 ألف مسلح من تنظيم داعش، تم تسريبها عن طريق منشق عن التنظيم، وتُظهر البيانات أيضا أسماء الدول التي جاء منها المتطرفون، بحسب قناة سكاي نيوز عربية.
وفي إنجاز استخباراتي آخر، أعلنت الرباط تفكيك خلية إرهابية جديدة موالية لتنظيم داعش في ليبيا، كانت تعتزم تنفيذ عملية إرهابية في المملكة المغربية، وذلك بعد يومين فقط من العملية الإجرامية في بروكسل.
وفي ليبيا التي ربما تُعد الأرض الجديدة لـداعش، تبحث الدول الكبرى احتمالات التدخل العسكري لوقف تصاعد خطر التنظيم الذي يسيطر على سرت وصبراتة، بعد أن قصفت المقاتلات الأميركية معسكرا لتنظيم داعش في مدينة صبراتة، أدى إلى مقتل 41 شخصا ينتمون إلى التنظيم، والقبض أيضا على أمير التنظيم في ليبيا المدعو علي محمد التاجوري.
فاجعة بروكسل، وقبلها صاعقة فرنسا، ستكونان إضافة أخرى إلى الجدية في التوجه العالمي لدحر التنظيم، خصوصا بعد إعلان البيت الأبيض منتصف مارس عن زيارة الرئيس الأميركي للرياض في أبريل.
المجتمع الغربي تأكد أنه ليس بمنأى عن خطورة التنظيمات الإرهابية، الأمر الذي سيجعله أكثر إصرارا على مواجهته، خصوصا بعد دخول روسيا في المشهد وتحريرها كثيرا من الأراضي السورية من قبضة داعش، مما يدفع أميركا إلى إعادة حساباتها لعمل نوعي ليس حبا في الشرق الأوسط، بل للعودة إلى صراع القوى الكبرى في المنطقة.
القضاء على الإرهاب بالكلية ليس بالإمكان، غير أن عدم الإحساس بالحجم الحقيقي لهذا الخطر يجعله يتوسع، خصوصا بعد مرور قرابة السنتين على إعلان كيانه كدولة إرهابية في هذه المنطقة، ويستطيع الوصول إلى معاقل الغرب قبل الشرق، إذ لا يمكن تصور التغافل عنه بهذه الصورة.
وللعالم الدولي أن يتخذ دروسا من مواجهة المملكة لتنظيم القاعدة الذي هاجم المؤسسات والمجمعات السكنية حتى استطاعت تحجيمه، بل وأنهت وجوده التنظيمي داخل السعودية، وهي الآن على وشك إنهاء تطهير اليمن من خلايا الميليشيات العميلة، ثم تتفرغ لضرب الإرهاب القاعدي والداعشي في اليمن خلال النظام الشرعي اليمني وبدعم من التحالف العربي.
وبالنظر إلى الأحداث الجارية والقراءة السريعة الخاصة فقط بشهر مارس 2016، يظهر لنا مدى القبضة الحديدية للإطباق على تنظيم الدولة في مواقع عدة من المنطقة العربية عموما وفي المناطق التي يسيطر عليها التنظيم على وجه الخصوص، مما قد يؤذن باقتراب وشيك ينتهي فيه وجود هذا التنظيم الإرهابي.