ظن عالما الأثار البولنديان بارتوس ماركوفسكي، وروبرت زوكوفسكي حين رمما تمثال أسد اللات في تدمر في 2005، انهما سيحافظان عليه مئات السنين. بعد أحد عشر عاما، هرعا لتفقده بعدما عرفا بتدميره على يد تنظيم داعش. عند مدخل متحف تدمر حيث تمثال أسد اللات الذي يزن 15 طنا، قال ماركوفسكي لوكالة فرانس برس اعتقدنا حين جئنا عام 2005 مع البعثة البولندية للقيام بعمليات ترميم في تدمر، أننا نحافظ على التمثال لمئتي أو ثلاثمئة سنة.
وأضاف لكن عملنا لم يصمد أكثر من عشر سنوات، وعمد تنظيم داعش إلى تدمير كثير من معالمه الأثرية، بينها: تمثال أسد اللات، ومعبدا بل وبعل شمين.
حجر كلسي يعود إلى ما قبل الميلاد
كان ماركوفسكي القادم من معهد الآثار التابع لجامعة وارسو، أول عالم آثار أجنبي يحط رحاله في تدمر بعد انسحاب تنظيم داعش. والتقته وكالة فرانس برس في المدينة الأثرية في التاسع من أبريل، خلال قيامه ببعثة مشتركة استمرت أسبوعا مع زميله روبرت زوكوفسكي، والهدف منها تقييم حجم الدمار الذي طال تمثال أسد اللات من أجل إعادة ترميمه. جثا ماركوفسكي، والغبار ملأ ثيابه وشعره، على ركبتيه إلى جانب الأجزاء المتبقية من التمثال، يرقمها ويضعها في صناديق لنقلها لاحقا إلى دمشق حيث سيقوم بالجزء الأكبر من عملية الترميم.
روى ماركوفسكي، وقد بدت عليه علامات التعب، لفرانس برس، لم نحتج إلى أكثر من خمس دقائق لنتخذ قرار المجيء إلى تدمر بعدما تلقينا دعوة المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية. وأضاف أتينا لإعادة ترميم طفلنا أسد اللات، هذا التمثال من الحجر الكلسي الطري الذي كان يرتفع أكثر من ثلاثة أمتار، ويعود إلى القرن الأول قبل الميلاد. وقد اكتشفته بعثة بولندية عام 1977، بالقرب من التمثال.
الكذب على الزوجة
تسلق روبرت زوكوفسكي بدوره سور المتحف. التقط عشرات الصور لأسد اللات ليقارنها مع ما كان عليه سابقا. وقال أعتقد أن جزءا كبيرا منه قابل للترميم، باستثناء المنطقة المحيطة بفمه، فهي في حاجة إلى إضافات، يمكن إعادة الحياة إلى التمثال، وكذلك الحال بالنسبة لكثير من التماثيل المدمرة داخل المتحف.
وقال ماركوفسكي لقد كذبت على زوجتي وأخبرتها أنني ذاهب إلى مصر، فلم تكن ستسمح لي بالمجيء إلى تدمر.
واضاف سبب مجيئنا إلى هنا، هو العلاقة العاطفية التي نشأت بيننا وبين هذا الأسد قبل عشر سنوات. ومد زوكوفسكي يد العون إلى زميله في نقل الأجزاء المحطمة من أسد اللات، وساعدهما عامل سوري في نقل معداتهما لإتمام عملهما الشاق. وبقي العالمان البولنديان قرابة الأسبوع في تدمر، قبل مغادرتهما إلى بولندا، على أن يعودوا قريبا إلى دمشق والى لؤلؤة الصحراء.