في كل عام نحتفي بالكتاب في أكبر تظاهرة ثقافية تشهدها العاصمة الرياض، وهذا العام يأتي الكتاب شامخا عظيما كما هو دائما تحت شعار الكتاب ذاكرة لا تشيخ.
آلاف الكتب والإصدارات والمعرفة، وسؤال قائم ماذا أقرأ؟.
وهو في حقيقته سؤال عميق وضروري، سؤال يتردد من كثيرين، وأقول بهذا الخصوص: لا تقرأ ما أحبّه الآخرون، ابحث عما تجد فيه من روحك وفكرك، لا تكن قارئا بالوراثة، أي وجدنا آباءنا كذلك يفعلون، ما يوافق هوى غيرك لا يناسبك بالضرورة، لا تحاول أن تقرأ كتبا عن الماضي حروب، تراث.
ابحث عما يحدثك عن المستقبل، ويرشدك إلى التنوّر، وليس الدوران في الدائرة نفسها.
لا تشتر كتبا لمجرد الغلاف أوالكاتب أو الترويج، الكتاب المناسب هو الذي تقع في حبه من أول تصفح.
القراءة تاريخ وذاكرة، وفي تاريخ القراءة، الكتاب الأشهر عن القراءة لألبرتو مانغويل، فصل مهم ينبغي أن يجعلنا نعلم كم هي القراءة عالم حقيقي، وأن المعرفة قوة وحياة وحرية أيضا.
يشير في فصل القراءة الممنوعة إلى تاريخ منع العبيد من تعلم القراءة، ويورد على ذلك كثيرا من الأفكار والملاحظات والرؤى والحقائق، فهو يقول، ربما خشية المستعمرين البريطانيين من احتمال عثور عبيدهم على أفكار انقلابية في الكتب، لكنه أيضا يشير إلى جانب آخر في هذا الفصل، إذ يرى أن القراءة لا تقدم دوما إثراء داخليا، ذلك أن العملية نفسها التي تملأ نصا ما بالحياة، نستخلص منه ما يوحي به، وتضاعف من معانيه، وتعكس فيه الماضي والحاضر والمستقبل، يمكن أيضا من أجل تشويش النص والقضاء عليه، فكل قارئ من القراء يحقق لنفسه طريقة قراءته الخاصة به، وإن كان ذلك للمحافظة على منافع شخصية أو لإضفاء الشرعية. مثلا إن مجرد التفكير في شعب أسود متعلم كان يبعث الخوف في قلوب النظم الدكتاتورية أو الرق.
يقدم لنا مانغويل أيضا في مفاهيم وتاريخ القراءة، مفتاح فهم العالم وشكل الكتاب، وإلى فعل القراءة وسلطانها، ولكن يظل السؤال عالقا، ماذا أقرأ؟ وهل المجتمع العربي يقرأ؟ أم أنه يعتقد أنه يقرأ؟
في آخر تقرير عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة يونيسكو، أوضحت أن نصيب كل مليون عربي لا يتجاوز ثلاثين كتابا، مقابل 854 كتابا لكل مليون أوروبي، أي أن معدل قراءة الشخص العربي ربع صفحة في السنة، مقابل معدل قراءة كبير للفرد الأميركي الذي يصل إلى 11 كتابا في العام الواحد.
كما أعدت الـيونيسكو تقريرا ذكرت فيه أن معدل قراءة الأطفال في العالم العربي خارج المنهج الدراسي 6 % في السنة، فيما يقرأ كل 20 طفلا عربيا كتابا واحدا.
ويظل هناك كثير من الحكمة لتقال عن القراءة اقرأ لتهدأ. اقرأ لتجد خلاصك وذاتك، ولتستمتع بالمعرفة بشكل حقيقي.