مؤكد أن هذا العنوان مر عليك كثيرا. تحدث عنه كثيرون، وكتبت عنه مؤلفات، وعقدت لأجله ندوات كثيرة!
سأحصره في مقالي حول أنسنة المدن، وجعلها صديقة للجميع، وأقل وحشة وتوحشا! فلعل رئيس بلدية ما، قد مر عليه مثل هذا المصطلح، وعلى افتراض ذلك، ليس أنسب من أن يتم توجيه الحديث إليه!
الناس، سعادة الرئيس، في حاجة إلى مدن تلبي حاجاتهم النفسية والصحية والإنسانية بشكل عام. مدن يجدون أنفسهم في شوارعها وميادينها.
بعض المدن اليوم مريحة ومؤنسة، بعضها موحشة، تأمل -سعادة الرئيس- مدن المنطقة الشرقية مثلا. بعضها مريح وجاذب، وبعضها مدن أشباح!
أدرك -كما تدرك ويدرك القارئ الكريم- أن الأمر مرتهنٌ للقناعات الخاصة، إن كنت إنسانا واعيا، مثقفا، سينعكس الأمر على المدينة، وستبدو أكثر إشراقا، أما إن كنت مجرد موظف، قذفت به الترقية نحو الكرسي، أو كنت مقاولا حصلت عليه بعلاقاتك، فستموت المدينة على يديك، وسيهرب منها الناس!
ولو لاحظت الآن كيف أن بعض المدن عادت لتهتم مجددا بقلبها وأحيائها القديمة وتعيد الحياة إليها، وتبحث عن ملامحها المنسية المهملة، لأدركت المسؤولية الملقاة عليك.
الأمر، سعادة الرئيس، يبدأ من احترامك لشجرة معمرة، حينما تقوم برعايتها وجعلها جزءا من أنسنة مدينتك، فهذا يدل على وعيك وإيمانك بقيمة الإنسان قبل الشجرة. أما إن اقتلعتها من جذورها، واستبدلتها برصيف أسمنتي، وإنجيلة صناعية فثق أن بينك وبين الأنسنة مسافات طويلة.
والأمر، لا ينتهي بتهيئة أراضي البلدية لتصبح أرصفة يمارس الناس عليها رياضة المشي. يشعرون أنهم يسكنون مدينة إنسانية، تحترمهم. أكثر من كونها مكانا للسكن. أما إن حولتها إلى استثمارات لا نعلم كيف وأين يتم صرفها، فأنت بحاجة لأن تقرأ كثيرا في ثقافة الأنسنة. المدينة ليست أسفلتا ورصيفا، ومجسما صامتا لا معنى له، ولا روح فيه!
ذكرت لك مثالين بسيطين، وفي كل الأحوال، فالطريق نحو أنسنة المدينة السعودية ليس شاقا، هو فقط في حاجة لأن تؤمن بذلك، وتعمل عليه. ولعلها فرصة أن أقترح عليك -سعادة الرئيس- قراءة كتاب يدور حول أنسنة المدينة، لأمين مدينة الرياض السابق الأمير عبدالعزيز بن عياف، ربما تجد فيه خارطة طريق.