أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي الشغل الشاغل لشريحة كبيرة من المجتمع، فقبل أن يمسح بعضهم آثار النوم عن وجهه، يتجه إلى جواله، ويستعرض حساباته في تويتر، والواتساب، والفيسبوك... إلخ!
ولكن يا ترى ما الشيء الذي أصبح يسيطر على مشاعرنا، واهتماماتنا؟ من خلال نظرة بسيطة نجد أن البعض هدفه مقاطع الفيديو التي لا تتجاوز دقيقة واحدة أو أقل، ولا يلتفت إلى المقاطع التي تصل إلى 40 دقيقة أو ساعة وتدور حول تطوير الذات، ومهارات العمل! بل أصبحنا نبحث عن الخبر الذي لا يتجاوز عمر ولادته دقائق معدودة، ولا نعير اهتماما لمحتوى هذه الأخبار! ونفاخر أحيانا بسرعة طرحها وإذاعتها، وقد نكتشف لاحقا أن هذه الأخبار مكذوبة! ومجاراة لهذه السرعة، والتفاعل غير المفيد، تسارع بعض القنوات إلى إتاحة مساحة كبيرة من وقتها لاستضافة الأشخاص أبطال الحدث المتداول في وسائل التواصل الاجتماعي!
ولو سلمنا جدلا أن القناة لها الحرية الكاملة في اختيار ضيوفها.. أليس في المقابل للمشاهد الحق أن يبين وجهة نظره تجاه ما تطرحه هذه القنوات؟! فكما يحرص الفرد على انتقاء طعامه، فكذلك له الحق في أن ينتقي الزاد الفكري والمعلوماتي، بل له الحق في توجيه النقد لأي وسيلة إعلامية قد تقدم له ما لا يناسب له ولأولاده، فبعض الأطفال ليست له القدرة على التمييز فيما تعرضه هذه القنوات.
ما دفعني لهذا الحديث أنني أجد في المقابل جفاء، وعدم اهتمام بالمبدعين والناجحين من أبناء الوطن! فأين هذه القنوات، ووسائل التواصل الاجتماعي من الاهتمام بطلابنا الذين حققوا مراتب متقدمة في المحافل الدولية وعلى مستوى الوطن؟ وأينها من الذين قدموا اختراعات مذهلة في المجال الطبي والإنساني بشكل عام، وأينها من تتبع أخبار سفراء الوطن في الخارج من أبنائنا الطلاب؟ الذين يعكسون الوجه المشرق لبلادنا.
والسؤال ذاته ينطبق على المبدعين والنابغين داخل الوطن! هل حرصنا على إذاعة أخبارهم وإنجازاتهم؟ عليه يجب أن نحاسب أنفسنا حول ما نتداوله صباح مساء، وأن نعمل فلترة لهذا السيل الجارف من المعلومات، وألا نضيع وقتنا فيما لا يفيد، كما ينبغي أن نسيطر على مشاعرنا تجاه ما تمطرنا به وسائل التواصل الاجتماعي، سواء فيما يتعلق بديننا وما يقربنا من الله، عز وجل، أو ما يتعلق بدنيانا وحياتنا وحياة أطفالنا وأبنائنا، فلا نبادر بنشر أي محتوى قبل تفحصه، والنظر في فائدته من عدمها.