عمليات حزب الله لا تقتصر على تهريب وترويج المخدرات، بل تشمل غسل الأموال، وتهريب السلع المسروقة، والأسلحة، والعملات المزيفة والمسروقة، والآثار النفيسة والنادرة المحظور بيعها

كيف يمول حزب الله عملياته؟ يشكل التمويل الإيراني جزءاً أساسياً، ولكن الحزب يقوم بأنشطة كثيرة أخرى، مثل تجارة المخدرات وغسل الأموال لتوفير موارد إضافية. ففي الشهر الماضي، أعلنت السلطات الأميركية اعتقال عميلين تابعين حزب الله اللبناني في الولايات المتحدة، متهمين بالعمل مع تجار المخدرات، بهدف تمويل أنشطة الحزب.
ففي بيان مكتوب، قالت وكالة مكافحة المخدرات الأميركية DEA إن التحقيقات مع العميلين (كشفت الوكالة عن اسميهما) تُلقي الضوء على العلاقة بين حزب الله ومافيا كوكايين في كولومبيا بأميركا الجنوبية، تُعرف باسمها المختصر La Officina (المكتب)، يقبع رئيسها الآن في السجون الأميركية، حيث أنشأت هذه المنظمة وغيرها علاقات عمل مهمة مع شبكة الحزب المخصصة لنشاطه التجاري المعروفة باسم المكون التجاري لمنظمة الأمن الخارجي للحزب.
وفي 23 فبراير حكمت محكمة في نيويورك بالسجن (25) عاماً على (إريكسون فارجاس)، القائد السابق لهذه المافيا الكولومبية، أحد أهم حلقات الوصل بين هذا التنظيم وحزب الله.
 وحسبما قالته وكالة مكافحة المخدرات الأميركية فإن الحزب والمافيا كانا يقومان بتبييض أموال المخدرات التي يستخدمها الحزب لاحقاً لشراء الأسلحة لاستخدامها في عملياته في سورية. وتبدأ عملية غسل الأموال عادة في أوروبا، حيث يتم تحصيل الملايين من أرباح بيع المخدرات، يتم إرسالها إلى حزب الله في لبنان وغيرها من دول الشرق الأوسط، عبر وسائط وطرق معقدة لتفادي الانكشاف، فيُستخدم جزء منها في تمويل الحزب ويتم إرسال الباقي إلى مافيا المخدرات في كولومبيا، إما خارج النظام البنكي الرسمي، أو عبر بنوك متعاونة مثل البنك اللبناني الكندي، حسب قول الوكالة.
وقال جاك رايلي، نائب رئيس وكالة مكافحة المخدرات إن هذه الأساليب لترويج المخدرات وغسل الأموال تهدف إلى توفير مصدر مستمر للدخل، وتوفير أسلحة وأجهزة يستخدمها الحزب في عملياته الإرهابية المدمرة حول العالم.
وليست هذه بالحادثة الأولى التي تثبت علاقة الحزب بتجار المخدرات، بل ثمة سوابق كثيرة للتعاون بين الحزب والجريمة المنظمة في أميركا الجنوبية وغيرها.
ففي كولومبيا بأميركا الجنوبية، وحسب تقرير نُشر في صحيفة (لوس أنجلس تايمز)، تم تفكيك أحد تنظيمات تهريب الكوكايين وغسل الأموال فظهر أن 12 % من أرباحها كانت تستخدم لتمويل حزب الله، كما وجدت نسب متفاوتة في تنظيمات أخرى لتجار المخدرات وغسل الأموال في كولومبيا، حسب السلطات الكولومبية.
وانكشفت إحدى وسائل حزب الله في تمويل أعماله عن طريق الجريمة من خلال تحقيق أميركي في تهريب (200) مهاجر لبناني غير شرعي من المكسيك إلى الولايات المتحدة، حيث تم القبض على أحد المهربين، وهو من أصل لبناني تم الكشف عن هويته في حينه، حيث قال إنه شقيق للقائد العسكري لحزب الله في جنوب لبنان، واعترف بقيامه بجمع الأموال في الولايات المتحدة لمصلحة حزب الله، وأشار إلى أن تهريب المهاجرين غير الشرعيين هو إحدى الوسائل التي يستخدمها.
وفي أوروبا، نشر (يوروبول)، وهو الأنتربول الأوروبي، تقريراً مفصلاً قال فيه إن الحزب يستخدم وسائل عدة في أوروبا، أغلبها غير قانوني مثل سرقة الهويات، وتزوير المستندات، والرشوة والعنف لاستغلال البيئة الأوروبية وتواجد المغتربين على أراضيها، مستغلاً سهولة التحرك داخل الاتحاد الأوروبي لتهريب الأسلحة والمخدرات والعملات المزورة.
ففي عام 2008، اعتقلت سلطات مطار فرانكفورت لبنانيين كانا يحملان معهما ثمانية ملايين يورو نقداً، حصلا عليها من خلال عصابة لتهريب الكوكايين، واتضح أنهما سبق أن تدربا في معسكرات حزب الله، كما كشفت التحقيقات عن ارتباط عملياتهما بأحد كبار تجار المخدرات الهولنديين. وفي عام 2009، اعتقلت ألمانيا شخصين آخرين من العصابة نفسها كان دورهما تهريب المخدرات من بيروت إلى أوروبا.
وفي عام 2009 كشف الأدميرال جيمس ستارفيديس، قائد القيادة الجنوبية الأميركية عن تواجد كبير في غرب أفريقية لما سماه تجار المخدرات الإرهابيين، الذين جعلوا من غرب إفريقيا منصة انطلاق إلى أوروبا، وفي عام 2012، أبلغ (يوري فيدوتوف)، رئيس مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة مجلس الأمن بأن خطوط الإمداد تمر عبر غرب إفريقيا وتغذي أسواق الكوكايين في أوروبا، التي تزايد طلبها أربعة أضعاف في السنوات الأخيرة، مضيفاً أن حجم هذه التجارة بين غرب إفريقيا وأوروبا يبلغ نحو (900) مليون دولار.
وفي عام 2011، كشفت وزارة الخزانة الأميركية عن شبكة من عشرة أشخاص يديرون 19 منشأة تجارية يتم من خلالها غسل الأموال الناتجة عن بيع الكوكايين في أوروبا والشرق الأوسط، وأن حصيلة عملها كان يبلغ نحو 200 مليون دولار شهرياً، حيث يتم غسل الأموال من خلال عمليات تجري في لبنان وغرب إفريقيا وبنما وكولومبيا، وذلك باستخدام البنك اللبناني- الكندي كوسيط، بطرق في غاية التعقيد، عن طريق تنويع أدوات غسل الأموال بحيث تشمل منشآت تجارية فعلية مثل وكالات السيارات، وتستخدم الأموال الناتجة عن بيع السيارات كبديل لا يثير الشبهات فترسل إلى لبنان. وقامت السلطات الأميركية بتغريم هذا البنك (102) مليون دولار في عام 2013 على خلفية هذه الأعمال. كما تمت إدانة المسؤول عن هذه الشبكة بترويج المخدرات وغسل الأموال، بما في ذلك تهريب الكوكايين للبيع في الولايات المتحدة. وكانت لهذا المسؤول علاقات وثيقة مع المسؤول من حزب الله عن عمليات المخدرات في كولومبيا.
ولا تقتصر عمليات حزب الله على تهريب وترويج المخدرات، بل تشمل غسل الأموال، والتهريب، خاصة تهريب السلع المسروقة، والأسلحة، والعملات المزيفة والمسروقة، والآثار النفيسة والنادرة المحظور بيعها. وتمتد أنشطة حزب الله التمويلية في جميع أنحاء العالم، ولا تقتصر على منطقة بعينها.