الصحافة الغربية تتجاهل حقيقة أن الغالبية العظمى من الضحايا المدنيين في اليمن سقطوا بفعل المتمردين الحوثيين الذين يلجؤون إلى المستشفيات والمدارس ومنازل المدنيين عمدا، في حربهم ضد التحالف الدولي

زعمت لجنة الأمم المتحدة التي اختتمت اجتماعاتها مؤخراً أن العمليات التي تقودها السعودية في اليمن كانت هجمات واسعة النطاق ومنهجية ضد أهداف مدنية، منتهكة بذلك القانون الإنساني الدولي. ورداً على ذلك، تم استدعاء محققين من جماعات الضغط على الحكومة البريطانية لإيقاف بيع الأسلحة إلى المملكة، ومطالبة البرلمان الأوروبي بحظر الأسلحة ضدها.
ومن جانبها، تعهدت الحكومة البريطانية بتقديم الدعم لقرار مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بأن تطلب من الحكومة اليمنية التحقيق في الحوادث، قائلة إنها الطريقة الأكثر فاعلية لإجراء هذا النوع من التحقيقات.. وبالنسبة للسعوديين فإن عليهم بدء هذه العملية بأنفسهم.
وفي حين أن المملكة تعرب عن أسفها العميق لمقتل المدنيين، فإنها تنفي بشدة مزاعم استهداف المدنيين عمداً، وتبذل جهودها المضنية لتفادي وقوع أي خسائر بشرية بين المدنيين العزل.
إن انتشار هذه المزاعم المغرضة التي تحاول النيل من سمعة المملكة في ضوء الصورة السيئة التي رسمتها الأمم المتحدة وعدد من جماعات الضغط في أذهان العامة، مختلفة جذرياً عما يجري في الواقع الذي تنشره الصحافة.
إن السعودية لم تبدأ حملتها العسكرية في اليمن طلباً للحفاظ على أمنها الداخلي وأمن واستقرار المنطقة فحسب، بل بصفتها قائدة التحالف المتعدد الجنسيات فإنها تدافع من أجل الحفاظ على الشرعية اليمنية الدولية وحماية رئيسها المنتخب ديموقراطياً، عبد ربه منصور هادي، من التمرد الحوثي المدعوم من إيران.
وعلاوة على ذلك، تعرضت المملكة نفسها إلى هجمات من هؤلاء المتمردين، مما استدعي ممارسة حقها في الدفاع عن النفس. كما أن، زعزعة الاستقرار الناجمة عن هذا التمرد سمحت لتنظيمي القاعدة وداعش بالتوسع، وهو ما يُمثل تهديداً واضحاً للمنطقة والمجتمع الدولي بأسره.
وبالتالي، فإن المملكة تعتبر أن ما تقوم به يُعد من الأمور الحيوية لمعالجة وتصحيح هذه الأوضاع التي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار باعتبار أن ذلك جزء لا يتجزأ من الحرب على الإرهاب.
وإضافة لذلك، فإن الحملة التي تقوم بها المملكة ملتزمة التزاماً كاملاً بالقانون الإنساني الدولي، علماً بأن المستشارين العسكريين البريطانيين كانوا يقومون بتدريب نظرائهم السعوديين.
وعلى سبيل المثال، يُقدم العسكريون البريطانيون المساعدة في الجوانب القانونية لاستخدام أسلحة دقيقة بدلاً من القنابل العنقودية، لضرب أهداف فحصت بدقة لضمان تجنب سقوط ضحايا من المدنيين. وقد أعرب جميع المراقبين الأجانب عن رضائهم عن تلك الضمانات. 
وثبت أن الادعاءات السابقة بأن الحملة الجوية التي تقودها السعودية ضد القانون الدولي، أو أن السعودية فجَّرت السفارة الإيرانية في صنعاء، كانت ادعاءات كاذبة بشهادة مراقبين مستقلين.
وما هو أكثر من ذلك، إن الصحافة الغربية تتجاهل حقيقة أن الغالبية العظمى من الضحايا المدنيين في اليمن سقطوا بفعل المتمردين الحوثيين الذين يلجؤون إلى المستشفيات والمدارس ومنازل المدنيين عن عمد، للاختباء بداخلها في حربهم ضد التحالف الدولي. وقد اعترف بعضهم صراحة بقيامهم بقصف أحياء سكنية، ليقوموا بعد ذلك بإلقاء اللوم على المملكة. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن تقرير الأمم المتحدة نفسه مبني على الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية للحرب الدائرة في اليمن، التي أثبتت أنه لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كبير في الماضي، وبالتالي لم يعتمد التقرير على مشاهدات أعضاء هذه اللجنة على أرض المعركة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن المملكة تأخذ على محمل الجد قضية الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، حيث أعلن المتحدث العسكري السعودي العميد أحمد عسيري، عن إنشاء لجنة مستقلة جديدة من شأنها أن تعمل مع مستشارين بريطانيين وغيرهم من الخبراء الأجانب لدراسة الأنشطة العسكرية في المناطق المدنية من أجل تقليل الخسائر الممكنة.
وتتألف هذه اللجنة من كبار الضباط والمستشارين العسكريين والخبراء في مجال الأسلحة والقانون الإنساني الدولي لتقييم الحوادث وإجراءات التحقق، وكذلك دراسة آلية الاستهداف وكيف يمكن تحسينها. وسيكون هدف اللجنة الخروج بتقرير واضح، وكامل، وموضوعي لكل حالة. وسوف يشمل تقريرها أيضاً الاستنتاجات والدروس المستفادة والتوصيات التي يمكن اتخاذها في المستقبل.
على رأس هذه اللجنة، تكتل عسكري بقيادة السعودية أكد تعاونه التام مع الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)، واللجنة اليمنية المحلية للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان.
وعلاوة على ذلك، أعلنت اللجنة عن خط ساخن جديد بالتعاون مع منظمة أطباء بلا حدود (MSF) من شأنه أن يساعد على حماية موظفيها اليمنيين. وقالت منسقة وحدة الطارئ في منظمة أطباء بلا حدود، (تيريزا سانكريستوبال)، إن هذه الإجراءات تُعد خطوة في الاتجاه الصحيح.
في نهاية المطاف، تسعى المملكة إلى حل سياسي في اليمن، هدفه ليس القضاء على الحوثيين بشكل كامل، أو إدامة حالة لا تنتهي من الحرب. وتدرك المملكة أن أكثر ما يمكن القيام به هو حماية المدنيين من الأخطاء الناتجة عن استهداف بعض مواقع الحرب.
ولهذا هو السبب، قال العميد أحمد عسيري في مؤتمر صحفي مؤخرا، إن الأخطاء ارتكبت دون قصد، وأعرب عن التزام المملكة بالتغيير عن طريق الإجراءات المذكورة أعلاه. تهتم المملكة بعمق حول منع قتل المدنيين، وسوف تفعل كل ما في وسعها للحد من أي من هذه الحوادث مستقبلاً.
 *نقلا عن صحيفة الديلي تلجراف البريطانية