الدعوة إلى قمة جاكارتا بالغة الأهمية، وذلك بالتزامن مع تطورات كبرى في التأسيس لنزاع جديد في المنطقة وتحالف عربي إسلامي دولي لمحاربة التطرّف في العالم والمنطقة. وهذا يستدعي إنهاء أسباب النزاع التاريخي وهو قضية القدس الشريف

اعتذر ملك المغرب محمد السادس عن استقبال القمة العربية في دورتها السابعة والعشرين في مراكش، معتبراً أنّ الفشل المحتّم سيكون مصير هذه القمة بسبب ما تشهده العديد من الدول العربية من نزاعات، كسورية والعراق واليمن وليبيا ولبنان وفلسطين. وجاء رفض المغرب بمثابة صدمة كبرى لكل الذين لا يزالون يعلّقون آمالاً على دور جامعة الدول العربية وتطوير منظومتها بما يتلاءم مع التحديات الكبيرة التي تواجه العمل العربي المشترك.
رفض المغرب استضافة القمة العربية الدورية في نهاية شهر مارس القادم بالتزامن مع الدعوة إلى قمة استثنائية إسلامية لمنظمة التعاون الإسلامي في جاكارتا وموضوعاتها القدس الشريف ومصير التسوية السياسية في موضوع الدولة الفلسطينية. والجدير بالذكر هو أن موعد القمة الإسلامية الثالثة عشرة والعادية هو في العاشر من أبريل في إسطنبول أي بعد شهر من قمة جاكارتا الاستثنائية، مما يجعلنا نسأل لماذا جاكارتا الاستثنائية على أبواب إسطنبول العادية؟
طبعاً كلّنا يعرف أنّ رئيسة القمة الإسلامية في دورتها الحالية هي مصر، وستنتقل رئاسة القمة في العاشر من أبريل إلى تركيا في قمة إسطنبول. والأعراف تقتضي أن تعقد القمة الاستثنائية في دولة رئاسة القمة، إلا أن هناك استثناءات عديدة حدث فيها أن عُقدت قمم استثنائية خارج دولة الرئاسة، وهذا ما هو حاصل الآن في القمة الإسلامية الاستثنائية التي ستعقد في 6 و7 مارس في جاكارتا.
كان لا بدّ من هذه المراجعة الدقيقة كي نحاول الإجابة عن السؤال التالي، وهو لماذا جاكارتا الاستثنائية الآن، أي قبل ثلاثة أسابيع من القمة العادية؟ وما هو الطارئ والمستجد الذي يستدعي عدم الانتظار إلى موعد القمة العادية في العاشر من شهر أبريل، وبالذات في موضوع القدس الشريف والتسوية في فلسطين؟ وإن هذه القمة قد جاءت بناءً على طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي تحدث قبل أيام إلى وزير الخارجية الأميركي في عمان عن المبادرة الفرنسية بالدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام حول الشرق الأوسط.
ربما تكون الدعوة إلى قمة جاكارتا هي من أجل تجديد الموقف الإسلامي القديم الجديد حول القدس. والمعروف أنّ منظمة التعاون الإسلامي أنشئت على أثر الحريق في المسجد الأقصى عام 69 والدعوة إلى قمة إسلامية في الرباط، والتي انبثقت عنها حينها منظمة المؤتمر الإسلامي التي أصبحت فيما بعد منظمة التعاون الإسلامي ومقرها الدائم في مدينة جدة. وكذلك تمّ تأسيس لجنة القدس العالمية في نفس المؤتمر والذي لا يزال برئاسة ملك المغرب الحسن الثاني حينها والآن الملك محمد السادس.
أعتقد أنّ الدعوة إلى قمة جاكارتا بالغة الأهمية، وذلك بالتزامن مع تطورات كبرى في التأسيس لنزاع جديد في المنطقة وتحالف عربي إسلامي دولي لمحاربة التطرّف في العالم والمنطقة. وهذا يستدعي إنهاء أدوات وأسباب النزاع التاريخي والعميق، وهو قضية القدس الشريف والدولة الفلسطينية، وهي أقدم وأعقد قضية في التاريخ الحديث. ولكي ننتقل إلى المرحلة التي تتشارك فيها القوى الإقليمية والمحلية ومع القوى الدولية لا بدّ من إنهاء النزاع الفلسطيني والذي بسببه تم اختراق منطقتنا.
قد يبدو غريباً الحديث عن تسوية في القدس الشريف وفلسطين مع الأشهر الأخيرة للرئيس الأميركي باراك أوباما، إلا أنّ ذلك لا يمنع حاجة الحزب الديموقراطي إلى أصوات العرب المسلمين واللاتين الكاثوليك، خصوصاً بعد قمة هافانا المسيحية وتدخّلها المباشر في انتخابات أميركا. وهذا ما قد يدفع بالمبادرة الفرنسية إلى الأمام بعرض الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط والذي قال عنه أوباما إنّه إذا طرح فإن أميركا لن تستخدم حقّ النقض. وهنا نعود بالذاكرة إلى عام 2010 وكلمة أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حين قال أريد أن أرى فلسطين دولة كاملة العضوية في العام القادم في الأمم المتحدة. فهل ستؤسّس قمة جاكارتا لزمن جديد على مستوى القدس الشريف وفلسطين، وإلا لماذا جاكارتا الإسلامية الآن؟