أحمد عجينة

بعد أن هدأت الأصوات المصاحبة لمقطع جلد العم معيض في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي تخطت مشاهداته في أول يوم مليون مشاهدة في الوسم، وزاد من سخونة الموضوع تدافع الشركات في الرغبة لتكريم أبطال هذا المقطع، وتباينت آراء الناس بين المؤيد والمعارض لهذه السلوكيات بين قطبي نقيض، أقصاها من يرويها جزءا من المسؤولية الاجتماعية للشركات وأدناها من يرويها تشجيعا للعنف المنزلي والألفاظ الخارجة. وزاد من حدة الموضوع تصريح لجمعية حقوق الإنسان في هذا الموضوع. كل هذه العوامل ساعدت في زيادة إقبال الناس وإعادة إرسال ومشاهدة المقطع لعدة مرات. أود أن أناقش بعض الأمور المتعلقة بهذا الموضوع. لن أتكلم من الناحية الاجتماعية بل سأتركها لأهل الاختصاص، ولكن سأحاول طرح الموضوع من ناحية تسويقية وقراءة لسلوك المستهلك السعودي من خلال 3 أسئلة بغض النظر هل قامت الشركات فعلا بتكريم أبناء العم معيض أم لا. ما سبب انتشار المقطع بهذه السرعة؟ هل ما قامت به الشركات يصب في مصلحتها؟ ما نظرة العملاء لهذه التصرفات؟
انتشار المقطع ليس دليلا على جودة محتواه أو فائدته للناس، ولكنه جمع مجموعة عوامل ساعدت في انتشاره منها الارتباط العاطفي بالحادثة، وجود قصة درامية واضحة، شخصيات الأبطال المميزة، العفوية وعدم التكلف في المقطع، حجم ومدة المقطع حيث أسهم في انتشاره على رسائل التواصل الاجتماعي. ملامسة هذا المقطع الحياة البسيطة اليومية للناس وذاكرة قديمة لهم أسهم في زيادة تداوله.
في علم التسويق هناك ما يعرف بالإدراج التسويقي Marketing Placement، وقد يدخل سلوك الشركات في الوسم كنوع من الإدراج. فالآن أصبح كل من يشاهد المقطع يناقش تجاوب شركات معينة مع هذا الوسم بغض النظر عن محتوى المقطع. أعتقد أن الشركات كانت تعي أن الارتباط السلبي لسلوك العنف لن يرتبط بالصورة الذهنية للعميل ويؤثر على العلامة التجارية بقدر ما سيرتبط بعاطفة المبادرة والفكرة الذكية وظرافة الأشخاص الظاهرين في المقطع. عندما نتكلم عن أثر أي عملية على سلوك المستهلك يجب أن نحدد بدقة ما القيم المدركة لهذه العملية، وما الرسالة التي وصلت للعميل وليس ما الرسالة التي أرسلت من الشركة؟ وهناك مبدأ آخر يسمى بالتوافقية التسويقية، فمثلا عندما تقدم شركة عرضا فإنها تقدمه بطريقة متوافقة مع خدماتها لتعزيز صورة الخدمة للعملاء، ولا تقوم بتقديم عروض لا تبت لنشاط الشركة بصلة كالتي تقدم عرضا لنادٍ معين وليس لنشاطها الأساسي. فهي بذلك مروجة للنادي الذي بدوره سيكمل ما بدأته الشركة في المحافظة على العميل. لتقييم نجاح الشركة في هذه المبادرة نحتاج أن نعرف ما أهداف المبادرة، وما نتائجها بالأرقام الموضوعية بناء على ردة فعل العملاء تجاهها.
السؤال الأهم: أين هم عملاء هذه الشركات من هذه المبادرات؟ لو قام المجتمع بجلد هذه الشركات بالمقاطعة أو الارتباط السلبي للعلامة التجارية فإن هذه المبادرات ستنتهي من عندنا، ولو قام المجتمع بالإعجاب بهذه السلوكيات والارتباط الإيجابي بالعلامة التجارية ستكثر هذه المبادرات.
هنا يحضر هذا السؤال: ما مدى قوة هذا الارتباط وما مدة تأثيره؟.