استباقا لعملية تطهير إقليم البنجاب من الجماعات الإرهابية، علمت الوطن من مصدر أن رئيس أركان الجيش الباكستاني، راحيل شريف، استطاع إقناع رئيس الوزراء، نواز شريف، بحتمية العملية، مشيرا إلى الآثار السلبية على الأمن القومي جراء بقاء هذه الجماعات دون ملاحقة.
ولوضع رئيس الوزراء أمام الأمر الواقع، كشف رئيس الأركان أنه أصدر تعليمات فعلية للجيش بالاستعداد لتنفيذ تلك العمليات التي تستهدف الجماعات المحاربة للدولة، مثل: لشكر جهنكوي، وسباه الصحابة، وحركة طالبان، وجماعة الأحرار التي أعلنت مسؤوليتها عن العملية الانتحارية في لاهور، وتنظيمي القاعدة وداعش، إضافة إلى الجماعات التي تقوم بعمليات ضد الهند، مثل جماعة الدعوة ولشكر طيبة.
علمت الوطن من مصادر عسكرية موثوق بها، أن رئيس أركان الجيش، الجنرال راحيل شريف، عقد اجتماعا مع رئيس الوزراء نواز شريف، يوم الأحد الماضي، استغرق ثلاث ساعات ونصف الساعة، حول سوء الوضع الأمني في إقليم البنجاب. كان رئيس الوزراء في السابق يعارض القيام بعمليات تطهير ضد المنظمات المتشددة و الإرهابية في الإقليم، لأنه كان يعتمد عليها في إحكام سيطرته على الإقليم. لكن هذه المرة أصر رئيس الأركان على موقفه، بل أخبر رئيس الوزراء بأنه -فعليا- أصدر تعليمات للجيش الباكستاني للقيام بعمليات تطهير ضد المنظمات الإرهابية.
وفي اليوم نفسه ألقى نواز شريف خطابا قصيرا على الأمة، تعهد فيه بالانتقام من الإرهابيين. يستشف من الخطاب أنه وافق على عملية التطهير في الإقليم.
استهداف الإرهابيين
بدأت عمليات التطهير باستخدام القوات الخاصة الكوماندوز، وقوات أخرى مدربة على مكافحة الإرهاب بدعم من مروحيات مقاتلة. وتشمل العملية مرحلتين: الأولى بدأت فعلا، وتستهدف المنظمات الإرهابية التالية: لشكر جهنكوي، وسباه الصحابة، وأهل السنة والجماعة، وحركة طالبان الباكستانية مجموعة الملا فضل الله، وجماعة الأحرار التي أعلنت مسؤوليتها عن العملية الانتحارية ضد المسيحيين في لاهور، وتنظيم القاعدة وداعش الباكستانية.
وتجري العمليات حاليا في مدن البنجاب الرئيسية، لا سيما سيالكوت وفيصل أباد ولاهور وملتان وبهاولبور وخوشاب وجهنك وجيهلم وكوجرانواله وكجرات ومقاطعات أخرى من الإقليم. تشمل المرحلة الثانية، المنظمات الإرهابية التي لا تحارب الدولة بل تنطلق من باكستان نحو الهند، وهي المنظمات الجهادية الكشميرية، وأهمها جماعة الدعوة ولشكر طيبة.
استعدادات عسكرية
كشفت مصادر عسكرية أن الجيش بدأ منذ يوم الإثنين الماضي عملية التطهير في إسلام أباد، بعد أن رفض رئيس الوزراء نواز شريف، ووزير الداخلية تشودري نثار علي، السماح لنشر لقوات رينجرز في إسلام أباد.
كما علم من المصادر نفسها أن الجنرال راحيل شريف استدعى رئيس قوات رينجرز شبه العسكرية، وطلب منه نشر قوات قوامها 70 ألف عسكري، وأنهم يقومون فعلا بصورة غير معلنة بعمليات تطهير في مختلف أنحاء العاصمة، ويدهمون أوكار الإرهابيين.
وعلمت الوطن أيضا أن الجيش أصدر أمرا لسلطة مراقبة الأجهزة الإعلامية بيمرا بتوجيه وسائل الإعلام للتعتيم الإعلامي الكامل على العملية، حتى نجاحها.
كما أصدر أمره للجيش بإيقاف إشارات الهواتف النقالة حتى تنتهي عملية تطهير إسلام أباد من المتظاهرين. وأوقفت أيضا خدمات الإنترنت للأيام الثلاثة الماضية.
كما لوحظ أيضا أن طائرات الإنذار المبكر آواكس، تحلق باستمرار فوق سماء العاصمة إسلام أباد بهدف التشويش على كل الإشارات الإلكترونية الداخلية والخارجية، لا سيما أجهزة التصنت الموجودة في سفارتي الولايات المتحدة والهند، في المنطقة الحمراء.
فض الاعتصامات
غادر رئيس الوزراء سكنه في المنطقة الحمراء إلى لاهور. بسبب اعتصام عدد من الباكستانيين أمام مبنى البرلمان، إذ قدموا لائحة تضم مجموعة من المطالب الجديدة، منها تنفيذ النظام الإسلامي في باكستان فورا، وعدم تعديل قانون التجديف، وإعدام المسيحية آسية بي بي وكل المحكوم عليهم بالإعدام بموجب قانون التجديف، الذين ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام التي لم تنفذ فيهم منذ عدة سنوات، لأن حكومة حزب الشعب الباكستاني بقيادة آصف علي زرداري 2008-2013 أعلنت وقف تنفيذ كل أحكام الإعدام، بسبب ضغوط من منظمات حقوق الإنسان الدولية، وهو النهج الذي سار عليه نواز شريف، حتى وقوع مجزرة مدرسة الجيش العامة في بيشاور في 16 ديسمبر 2014، وبعد المجزرة وافقت كل الأحزاب السياسية على استئناف تنفيذ العقوبة.
كما طالب المعتصمون بإطلاق كل المسجونين بتهمة خرق القانون، بدعوى أنهم فعلوا ذلك من أجل الحفاظ على قدسية الإسلام والقرآن. وكذلك اعتبار ممتاز قادري شهيدا، واستخدام كلمة شهيد بعد اسمه، وتوجيه أجهزة الإعلام بالتقيد بذلك.
كما دعوا إلى محاربة القاديانية، وفصل كل أتباعها من وظائفهم الحكومية، وتمكين المدارس السنية في باكستان من نشر تعاليم الشريعة في البلاد، وإنهاء كل مظاهر الانفتاح في برامج التلفزيون. وأخيرا حظر نشاطات المنظمات غير الحكومية وإغلاق مكاتبها.