لا توجد أسماء يمكنها أن تقود شباب المجتمع إلى حيث تريد الدولة أن يكونوا، فمعظم الأسماء البارزة لا تقدم طرحا لافتا أو قضية تقود المجتمع للإصلاح، إنما تقود فكرا 'تويتريا' بهدف جمع أكبر قدر من المتابعين

حتى هذه اللحظة لا أظن أنه توجد لدينا في المجتمع السعودي شخصيات مؤثرة وذات صوت عال، شخصيات تملك تأثيرا ثريا وطاغيا، وحضورا لافتا، دعك من القصص التي تنهال عليك يوميا عبر السناب شات، ابتداء من المثقفين وممن يريدون أن يتسيدوا الساحة الإعلامية وبعض فتيات الفاشنيستا، الصور التي تلتقط وهم يركبون أفخم السيارات، ويفتتحون المعارض والمحلات التجارية، حتى إنها تقام على شرفهم، ويتجمهر حولهم الشباب بجوالاتهم، ولكن أين التأثير في ذلك؟ أين القيمة التي يمكن أن يخرج منها أي شاب من تصوير أحدهم في مطاعم تقدم وجبات ربما لم يتذوق البطل منها لقمة واحدة في مقابل إعلان يتجاوز قيمة الواحد منه 15 ألف ريال، والنتيجة النهائية أن الشباب في السعودية من الجنسين حتى الآن يعيشون في متاهة، تشبه تلك المتاهة التي نراها في برنامج الإعلامية المصرية وفاء الكيلاني، لا أظن أن أحدا من الشباب يمتلك هوية بارزة الملامح، هذا إذا استبعدنا تأثير المنظمة الإرهابية داعش على بعض وسائل التواصل، إذ إنها -مع الأسف وبكل براعة- تسيدت الموقف وأوضحت ميول كثير من الشباب في السعودية!
حاول أن تجول بنظرك هنا وهناك، هل ستجد من هو الأكثر تأثيرا والأكثر قيمة في المجتمع السعودي؟ لا أظن رغم كثرة الوجوه والحسابات التي لا تتوقف، وهي تبث بشكل يومي ومتواصل النكات ومقاطع الفيديو التي تقوم على التقليد والانتقاد لبعض ظواهر المجتمع السعودي، لكنها لم تصل إلى أن تكون ذات تأثير حقيقي، أعتقد أنه لا بد أن تكون هناك دراسة واقعية عن السبب الذي لم يصل إليه الشباب كي يجدوا الصورة التي يمكن أن تكمل حقيقتهم وواقعهم، الصورة التي لربما يمكن لهم أن يتجاوبوا مع كل ما تقوم به، لذا، لا تلمني إن شعرت بالبؤس بعض الشيء، حينما رصدت صحيفة الوطن الخميس الماضي، غياب الشخصيات المؤثرة في تفجيرات مسجد الأحساء، وتساءلت عن ضعف تفاعل ممن تصدرت أسماؤهم كأكثر المؤثرين في الرأي السعودي، لم يكن شعوري القاتم بسبب ضعف تغريدات المؤثرين، ولكن الأسى الحقيقي الذي شعرت به، أن الأسماء التي قدمها التقرير لا أظن أنها تملك كاريزما أو حتى رؤية واضحة ومبادئ ثابتة، وكما أن أدوار معظمهم سنوية، بالإضافة إلى أن ما يقدمونه للمجتمع لا يتم بشكل مجاني، فكل الأعمال التي يقومون بها، لا تتم لوجه الله، إنما هي تقدم نظير مبلغ مالي محترم، والمساهمات من بعضهم لا تقدم إلا من خلال القنوات الإعلامية التي يمكن أن تضيف إلى رصيدهم، الأهم من كل ذلك، التأثير كان في أي مرحلة وفي أي توجه وإلى أين؟ هل استطاع أحمد الشقيري أن يغير من تفكير الشباب؟ حتى تم رصد عدد منهم يهتم بحمل النفايات وإزالتها من أمام منزله أو حتى من أمام منزل جاره ووضعها في المكان الصحيح؟ هل تغيرت بعض محتويات المناهج الدراسية؟ هل تغير التفكير بشكل عام؟ هل استطعت أن ترى مؤشر الاختلاف لدى الشباب؟ علينا أن نكون أكثر صراحة، الشيخ محمد العريفي، ماذا قدم للمجتمع السعودي غير الفتاوى التي تظهر بين الحين والآخر، وهل قام الدكتور طارق الحبيب بتبني قضية ما، وحاول إنشاء عيادات في القرى والمدن البعيدة في مناطق المملكة، ليقوم بمساعدة الشباب وحل مشاكلهم النفسية؟ هل لمست تغيرا جذريا لدى أفراد المجتمع؟ لا أظن!
المرصد السعودي للإعلام الاجتماعي، كان أكثر من حماقة بعض الحكومات التي تريد أن تنال من أمن المملكة، لو كنت مكانها لكتبت لم ينجح أحد، إذ كانت نهى نبيل وبيبي العبدالمحسن الكويتيتان وهما تعملان في الترويج والتسويق لمنتجات الشعر والألبسة والمطاعم وتصوير حياتهما العادية عبر برنامج السناب شاب، هما الأكثر تأثيرا على الشابات في السعودية، وأكثر حتى من أي اسم مما تم ذكره في القائمة التي تم نشرها، وفي الواقع كنت ضد الأسماء التي قيل إنها مؤثرة، منذ أن تم نشر القائمة الخاصة بالسعودية، فعلى سبيل المثال حقق سائق الفورملا يزيد الراجحي نجاحا منقطع النظير، والسبب قد يعود إلى اسمه الأخير، ولو كان يزيد شابا عاديا لما حقق نسبة مشاهدات عالية وعلى الأخص بالنسبة للفتيات والصبيان الصغار، الذين يرون حياته مجرد حلم يأملون الوصول إليه مستقبلا.
الحقيقة التي علينا أن نسمعها دون أن نخشى من أصواتنا، أو حتى أن نخشى من الاختلاف، أنه حتى الآن لا توجد أسماء يمكنها أن تقود شباب المجتمع إلى حيث تريد الدولة أن يكونوا، فمعظم الأسماء التي تم طرحها في القائمة لا تقدم طرحا لافتا أو قضية تقود المجتمع للإصلاح، إنما هي تقود فكرا تويتريا همه الرئيس جمع أكبر قدر ممكن من المتابعين ليس إلا، ولكن هل تملك قضية لا أظن، هل لديها أجندة لرفع وعي الشباب؟ هذا الذي لم أره حتى الآن، كل ما هنالك مجرد شيوخ فضلاء يتعاركون فيما بينهم ويحتفون بزيادة أعداد متابعيهم، وهناك أسماء أخرى تود أن تخبرك بما تملكه من ثروة لا تستطيع أن تصل إليها إلا في أحلامك.
تقريبا نحن نعيش معهم فيما يشبه فكرة مسلسل أميركي قديم وشهير اسمه دلاس، هذا المسلسل حينما سأل عن سبب نجاحه الكبير في أميركا، قال المخرج أو المؤلف -لا تحضرني ذاكرتي الآن- المجتمع الأميركي يريد أن يعيش حلما بأن يكون غنيا، والمسلسل حقق له جزءا من أحلامه، ولهذا نجح!