شهدت إيران خلال العامين الماضيين أكثر من 2200 حالة إعدام، ثم يتحدث النظام الإيراني عن دعم الحريات والديموقراطيات وحقوق الإنسان في المنطقة، وينتقد أوضاع الإنسان في أوروبا!

 مؤخرا أعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من العاصمة البريطانية لندن عن قلق بلاده بشأن الأوضاع المتردية لملف حقوق الإنسان في الدول الأوروبية! نعم قرأت العبارة بشكل صحيح، عزيزي القارئ: إيران قلقة بشأن انتهاك حقوق الإنسان في أوروبا! قبل ذلك بأشهر وإبان العمليات الإرهابية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس، أعلن قيادي رفيع في الحرس الثوري الإيراني عن استعداد بلاده لإدارة الملف الأمني في فرنسا لضمان حفظ الأمن هناك، والتصريحات الإيرانية المماثلة أكثر من أن نسردها في هذا المقال!
لعلنا نسأل الوزير الإسكندنافي ظريف، كما وصفه الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، عن مصير رموز الموجة الخضراء وزعمائها ولماذا لا يتم الحديث عن شهداء تلك الحركة التصحيحية في تاريخ إيران الحديث التي تم إخمادها بالنار والحديد! وكذلك المئات الذين اعتقلوا بسبب اعتراضهم على تزوير الانتخابات في عام 2009، وقد اعترف قائد الحرس الثوري بذلك والتسجيل متاح على مواقع الإنترنت؟! لماذا لم يتحدث العالم عن الشاعر الأحوازي هاشم شعباني الذي تم إعدامه بسبب قصيدة انتقد فيها نظام الملالي؟! وأين السجناء السياسيون من الأكراد والبلوش والعرب الذين يعتقلهم النظام ويذهب بهم إلى المشانق بشكل يومي، بل ويحاول إرهاب المجتمع والأطفال بحث أسرهم على إحضارهم إلى الميادين العامة عند تنفيذ جرائم الإعدام بحق السجناء؟! لماذا قام النظام الإيراني بإعدام العشرات من رجال الدين السنة في كردستان وبلوشستان مثل كيوان زند كريمي، هوشيار محمدي، بهنام رحيمي وغيرهم الكثير؟ ثم نقول ولماذا هذا الصمت الغربي الرهيب عن انتهاك حقوق الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية في إيران؟! هل ستتحرك هيئات حقوق الإنسان وتمنع النظام الإيراني من إعدام رجل الدين السني شهرام أحمدي الذي أيدت مؤخرا محكمة الثورة الحكم عليه بالإعدام لأسباب سياسية بحتة، والمحاكمة تحدث في محكمة ثورية وليست مدنية؟
تشير تقارير الدكتور أحمد شهيد، المقرر الخاص للأمم المتحدة لحالة حقوق الإنسان إلى إيران بأن حالات الإعدام قد ارتفعت في عهد الرئيس الحالي حسن روحاني بشكل غير مسبوق، حيث شهدت إيران خلال العامين الماضيين أكثر من 2200 حالة إعدام بمتوسط يتجاوز 3 حالات إعدام يوميا، وهذا قد يصل إلى ضعف عدد الإعدامات في عهد أحمدي نجاد، فهل هذه حكومة معتدلة؟ لم يسلم الأطفال والنساء من أحكام الإعدام، فقد تم بتاريخ 25 أكتوبر 2014 إعدام ريحانة جباري، مهندسة ديكور، التي قتلت أحد عناصر الاستخبارات الإيرانية لأنه حاول اغتصابها، وفي 2015 أقدمت فتاة كردية على الانتحار قفزا من نافذة أحد الفنادق التي تعمل بها كعاملة نظافة في مدينة كرمانشاه في كردستان خوفا من ضابط في الحرس الثوري أراد اغتصابها! وفي 2009، تم إعدام 4 فتيات شنقا في سجن بمحافظة كرمان. وهناك العشرات من النساء اللاتي يقبعن في السجون الإيرانية وينتظرن إعدامهن لأسباب مماثلة، بعضهن، كما نشرت صحيفة الجارديان البريطانية، تحت سن الـ17، ولقد كان للأطفال نصيب من أحكام الإعدام في إيران، فقد تم إعدام 17 يافعا منذ بداية 2004، ثمانية منهم أعدموا في عام 2005 وأربعة في 2006.
أما ماضي الإعدامات فحدث ولا حرج. يقول آية الله منتظري الذي كان يشغل منصب نائب الخميني وتم لاحقا عزله من منصبه ووضعه تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في 2009، أن آية الله خلخالي، قاضي المحكمة الثورية وقع إعدام 3000 معارض سياسي في عام 1988. الأخطر من ذلك أن صحيفة ابزيرفر ريبورتر Observer-Reporter نقلت بتاريخ الخامس من يناير 1983 عن (اسوشيتد برس) أن إيران أعدمت 25 ألف شخص خلال 18 شهرا فقط!
إن بيت النظام الإيراني مكون من زجاج هش، لا يصمد طويلا أمام نسمة ريح، فما بالك بعاصفة تقتلع الأخضر واليابس. إلا أن الغرب أسهم ولا يزال في تمادي النظام الإيراني في انتهاكاته حقوق الإنسان في الداخل ودعمه الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى في الخارج، وهذا السلوك البربري سوف يستمر إن لم يقف العالم في وجه هذه التجاوزات بحزم وجدية، وما عدا ذلك فعلى العالم أجمع -خاصة القوى الكبرى التي قامت بمكافئة إيران بالاتفاق النووي- تحمل مسؤولياته تجاه التصرفات الإيرانية القادمة في المنطقة والعالم.
يعيش الشعب الإيراني على أرض وهبها الله كثيرا من الثروات والنعم إلا أن ذلك لا ينعكس على مستواه المعيشي، ولعل السبب في ذلك هو قيام النظام بتحويل تلك الثروات من عائدات النفط والغاز والمنتجات المختلفة إلى الخارج بهدف دعم الإرهاب والميليشيات وخلايا التجسس وزرع العملاء في المنطقة والعالم، فمتى يساعد العالم هذا الشعب لنيل حقوقه المسلوبة وينعم بثروات وطنه ويتوقف عن الهجرة أو الإدمان على المخدرات والانتحار والخلاص من مقصلة الإعدام التي تستهدف كل من يقول كلمة واحدة ضد النظام، ومع هذا الإرهاب المتنوع نجد النظام الإيراني يتحدث عن دعم الحريات والديموقراطيات وحقوق الإنسان في المنطقة، وينتقد أوضاع الإنسان في جميع أنحاء العالم، وتجاهل حقيقة أنه أول وأكثر من ينتهك هذه الحقوق داخل حدوده.