لا يمكن لمواطن سعودي يحترم المهنية والموضوعية أن يتغافل أو يتعامى عن أدوار أرامكو، أمنا الكبرى، في دفة العجلة التنموية الوطنية. أرامكو، ومنذ يومها الأول، لم تكن مجرد ملايين البراميل من النفط التي تدحرجها إلى أسواق العالم، بل هي شريكة حياة في قلب حياة كل بيت سعودي، هذا لا يمنعنا مع أمنا الكبرى من الرأي والمشورة وهنا القصة: على هامش منتدى التنافسية الأخير تحدث معالي المهندس، خالد الفالح، عن مشروع جديد للشركة في منطقة رأس الخير، بين الجبيل والخفجي، سيبني مدينة سعودية جديدة للاقتصاد البحري أو ما يعرف بالاقتصاد الأزرق. وأنا هنا أبدً أبداً أبداً، وكرروا هذه الأبداً ما شئتم لا أتهم معاليه ولا شركتنا الأم العملاقة باستنساخ ذات الفكرة التي كانت رأس الخراج لمنتدى الاستثمار في منطقة عسير قبل ما يقرب من عامين. الرسالة، يا صاحب المعالي، أننا نريد عدالة توزيع سلة استثماراتنا الوطنية وضمان الأمن الاقتصادي، وهنا سأقولها بكل وضوح وصراحة: المنطقة ما بين الأحساء إلى الخفجي لا تحتمل في ظل الظروف الملتهبة مغامرات تنمية لا علاقة لها بالنفط وصناعته في الوقت الذي أنعم الله علينا بآلاف كيلومترات السواحل الجوهرية الفارغة تماماً، والبكر تماماً أمام مشاريع الاقتصاد الأزرق.
هنا زبدة القصة: قبل ما يقرب من عامين، وفي منتدى الاستثمار بعسير ظهرت ولأول مرة فكرة بناء المدينة الاقتصادية لكل ما يتعلق بعالم الاقتصاد الأزرق. وبدعم وتمويل من ماله الخاص، انتهت الدراسة التي أشرف عليها سمو الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز، أمير منطقة عسير، وتم رفع كامل الإضبارة إلى مقام سمو رئيس المجلس الأعلى للاقتصاد والتنمية. الدراسة والمقترح يستهدفان، وهذه على مسؤوليتي، تنمية وتطوير المنطقة المهملة في خارطة عدالة توزيع التنمية الوطنية، وكل سكان هذا القطاع الواسع من الشقيق إلى الليث لا زالوا نثراً هامشياً ثانوياً على برامجنا التنموية الوطنية. دراسة إمارة منطقة عسير لمدينة الاقتصاد الأزرق لا تطلب من المال العام ريالا واحداً إلا ما كان من الدعم اللوجستي والإداري، ولدى هذه الدراسة ما يكفي من المنافسة الشرسة من أموال القطاع الخاص في مجالاتها الاستثمارية السبعة. هذه الدراسة المكتملة لا تطلب من معالي المهندس، خالد الفالح، ومن أمنا الغالية، شركة أرامكو السعودية، سوى الطلب الواحد من رحم طلبين: إما أن تتوقف هذه الشركة عن المنافسة ببناء نسخة من المشروع في رأس الخير، وإما أن تدعم الفكرة الحلم من أجل عدالة توزيع التنمية. ومرة أخرى يا صاحب المعالي نحن لا نتكلم عن مدينة اقتصادية تقوم على صناعة النفط أو مشتقاته التحويلية وإلا فكنا سنفهم وسنتفهم اختياركم لمنطقة رأس الخير. نحن نتحدث عن الصناعات البحرية وجوانب الاقتصاد الأزرق الذي يستأثر اليوم بما يقرب من عشر ماكينة الاقتصاد العالمي لوحده ولم ندخل إليه حتى اليوم في فكرة حقيقية واحدة. صاحب المعالي: رأس الحاجة أولى من رأس الخير بهذه المدينة.