على الرغم من التحسن الطفيف الذي طرأ على أسعار البترول خلال الفترة الأخيرة، إلا أنها لا تعبر بوضوح عن تغيرات في السوق النفطية، ويرى خبراء نفطيون أن أسعار النفط لا تزال مرشحة للهبوط مرة ثانية إلى مستويات متدنية، حيث أشار نائب رئيس أرامكو لشؤون الحفر والتنقيب سابقاً المهندس عثمان الخويطر إلى أن السياسات التي أدت إلى الهبوط الحاد في أسعار النفط لم يطرأ عليها تغيير جوهري، وقد يكون الارتفاع الحالي مجرد جزء من التذبذب في الأسعار نتيجة للمضاربات والتأويلات التي لا تستند إلى مصادر موثوقة.
ارتفاع الطلب
وعن وجود توقعات بارتداد أسعار النفط خلال 2016 قال الخويطر إنه لن يكون هناك توقعات خلال المدى القصير بإعادة الأسعار إلى سابق عهدها دون حصول اتفاق جماعي لمعظم المنتجين على تخفيض الإنتاج بنسب معينة أو ربما ارتفاع كبير في الطلب العالمي، يصاحبه انخفاض طبيعي في إنتاج بعض الدول ذات الوزن الثقيل، مثل روسيا على سبيل المثال، موضحاً أن الانخفاض المتواصل لعدد منصات حفر البترول الصخري في أميركا ليس له تأثير كبير في الوقت الحاضر على تذبذب الأسعار، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن ينخفض إنتاج الصخري تحت الظروف الحالية، ولكن ليس إلى درجة مؤثرة لأن أي انخفاض في إنتاج الصخري قد يقابله ارتفاع من دول أخرى، مثل إيران والعراق وليبيا.
وأضاف الخويطر أنه من غير المحتمل أن ينفض اجتماع الدول المنتجة القادم في قطر عن اتفاق يهدف إلى تخفيض الإنتاج، لافتاً إلى أن الدول التي تريد سياستها إبقاء الأسعار منخفضة سوف تظل تتمسك بمبادئها وترفض التخفيض وينتهي المؤتمر كما بدأ، لا اتفاق ولا قرارات إيجابية حاسمة.
الارتداد الحقيقي
يرى الخبير النفطي المهندس عبدالرحمن النمري أن الأسواق النفطية لا زالت تعاني تخمة، وهذا يعني أن الفجوة بين العرض والطلب ما زالت موجودة ومتسعة بسبب الفائض النفطي الكبير، وبالرغم من الارتفاع الذي لا بأس به في أسعار النفط في الفترة القريبة السابقة إلا أن الارتداد الحقيقي لن يحدث إلا عند تقليص الفجوة بين العرض والطلب، وأسرع الطرق لذلك هو الاتفاق على خفض الإنتاج بين جميع الدول المصدرة للنفط داخل أوبك وخارجها.
وعن العوامل التي أدت إلى انخفاض أسعار النفط سابقاً قال النمري أن أهمها أزمة الثقة بين الدول المصدرة للنفط داخل أوبك وخارجها التي نتج عنها عدم خفض الإنتاج خشية استحواذ الغير على الحصص السوقية، إضافة إلى التباطؤ في نمو اقتصاد الدول المؤثرة والمستهلكة كالصين، الذي سينتج عنه انخفاض في الطلب على النفط مما سيعمق الفجوة بين العرض والطلب. وكذلك رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران مما سيؤدي أيضاً إلى إغراق الأسواق النفطية، مشيراً إلى أن انخفاض عدد منصات الحفر الأميركية قد لا ينعكس بشكل واضح على إنتاجها في المدى القصير، وأن انخفاض إنتاج النفط الصخري في أميركا بسيط مقارنة بالفجوة العالمية بين العرض والطلب.